تَنْبِيه لَهُم إِلَى مُرَاعَاة السِّيَاق، حَتَّى لَا يضلوا فِي فهم الْقُرْآن الْمجِيد، ويضربوا بعض آيَاته بِبَعْض.
وَمِنْهَا مَا رُوي عَن مُسلم بن يسَار - التَّابِعِيّ الْجَلِيل، رَحمَه الله - أَنه قَالَ: ((إِذا حدَّثت عَن الله حَدِيثا، فقِفْ حَتَّى تنظر مَا قبله وَمَا بعده)) (4) .
وَلَكِن الْكَلَام فِي التناسب والترابط لم يظْهر كعلمٍ مُسْتَقل إِلَّا مَعَ الإِمَام الْجَلِيل أبي بكر النَّيْسَابُورِي (?) (ت 324?) ، وَكَانَ غزير الْعلم فِي الشَّرِيعَة وَالْأَدب، فَإِنَّهُ أول من أظهر علم الْمُنَاسبَة، إِذْ كَانَ يهتم بِهِ فِي درسه، وَيَقُول إِذا قُرئت عَلَيْهِ آيةٌ: ((لم جُعِلَتْ هَذِه الْآيَة إِلَى جنب هَذِه؛ وَمَا الْحِكْمَة فِي جَعْلِ هَذِه السُّورَة إِلَى جنب هَذِه؟)) .. وَكَانَ يُزري على عُلَمَاء بَغْدَاد، لعدم علمهمْ بِتِلْكَ الْمعَانِي (?) .
وَقد ظلّ هَذَا الْعلم زَمنا طَويلا لَا يتَجَاوَز أَن يكون مُجَرّد إشارات ولفتات بَين ثنايا كتب التَّفْسِير، وَلَا سِيمَا عِنْد فَخر الدّين الرَّازِيّ (ت606?) فِي كِتَابه (مَفَاتِيح الْغَيْب) .. إِلَى أَن أفرده بالتأليف أَبُو جَعْفَر بن الزبير الأندلسي الغرناطي (ت 708?) ، وَذَلِكَ فِي كتابٍ سَمَّاهُ (الْبُرْهَان فِي مُنَاسبَة تَرْتِيب سور الْقُرْآن) .. ثمَّ