((.. وَلَقَد أَخْبرنِي بعض الأفاضل أَن شخصا من الْيَهُود لقِيه خَالِيا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا قَالَ نَبِيكُم فِي الرّوح؟ فَقَالَ لَهُ: أنزل الله عَلَيْهِ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} (الْإِسْرَاء/ 85) ، فَقَالَ لَهُ مستهزئاً: بيانٌ مليحٌ هَذَا {

قَالَ: فأبهتني، ثمَّ تركني وَانْصَرف.. وَقد بلغ من نكايتي مَالا يُعلمهُ إِلَّا الله، وَمَا دريتُ مَا أُجِيبهُ} وَلَو كَانَ يعرف مَا بِيَّنه فِيهَا كتابي هَذَا - الَّذين صوَّبوا إِلَيْهِ من الغضّ، مَا يكَاد الْجَبَل مِنْهُ يرفضُّ {- لأخزاه وأخجله، ونكَّس رَأسه وجهَّله} )) (?) .

وذكرُ مثل هَذِه التفاصيل مُهِمّ جدا لبَيَان أهمية الْكَلَام فِي التناسب عُمُوما، وَقِيمَة وأهمية مساهمة البقاعي - رَحمَه الله - فِي فتح أَبْوَاب التوسُّع فِيهِ، وَقد سبقت الْإِشَارَة إِلَى شَيْء من ذَلِك فِيمَا سبق.

وَرَغمَ أَن البقاعي ذهب - خلافًا لرأي الْجُمْهُور، وَخِلَافًا للصحيح من الْقَوْلَيْنِ كَذَلِك.. كَمَا سبق - إِلَى أَن تَرْتِيب السُّور كَانَ باجتهادٍ من الصَّحَابَة - رضوَان الله عَلَيْهِم - (?) ؛ إِلَّا أَن ذَلِك لم يعكِّر على طَرِيقَته فِي إِظْهَار التناسب؛ لِأَنَّهُ عقَّب القَوْل بِكَوْن التَّرْتِيب اجتهادياً بتقرير أَن هَذَا هُوَ مَا رضيه الله تَعَالَى لكتابه الْحَكِيم، فوفق صحابة نبيه (إِلَيْهِ. وَهَذَا التعقيب لَا يمْنَع بحالٍ من نقد البقاعي فِيمَا ذهب إِلَيْهِ فِي ذَلِك، مُخَالفا جُمْهُور أهل الْعلم فِيهِ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015