كَمَا يُعدُّ كِتَابه (نظم الدُّرَر فِي تنَاول الْآيَات والسور) (?) أول كتاب مستوعب وشامل فِي هَذَا الْفَنّ، وَقد كَانَ البقاعي معتزاً بِهِ غَايَة الاعتزاز - وحُقَّ لَهُ ذَلِك - وَيدل على ذَلِك مثلُ قَوْله:
((.. فَأَنا أَرْجُو (…) أَن الله تَعَالَى يجمع بكتابي هَذَا - الَّذِي خصني بإلهامه، وادخر لي المنحة بحلِّه وإبرامه، واعتناقه والتزامه - أهل هَذَا الدّين الْقيم جمعا عَظِيما، جَلِيلًا جسيماً، يظْهر لَهُ أثر بَالغ فِي اجْتِمَاعهم وحُسن تأسِّيهم برؤوس نقلته وَأَتْبَاعه)) (?) .
وَوَصفه فِي ختامه بِأَنَّهُ ((ترجمان الْقُرْآن، مبدي مناسبات الْفرْقَان، التَّفْسِير الَّذِي لم تسمح الْأَعْصَار بِمثلِهِ، وَلَا فاض عَلَيْهَا من التفاسير - على كَثْرَة أعدادها - كصيِّب وبْله)) (?) ..
وَهُوَ يُشِير إِلَى صعوبة إِدْرَاك الارتباط والتناسب، لِأَنَّهُ أَحْيَانًا يدقُّ وَيخْفى، وَرُبمَا تشكَّك ضَعِيف الْإِيمَان، أَو توقف كثير من الأذكياء عَن الدُّخُول فِي الدّين بِسَبَب هَذَا الغموض وَهَذِه الدقة فِي إِدْرَاك تناسب بعض الْآيَات، ((فَإِذا اسْتَعَانَ طَالب هَذَا الْعلم بِاللَّه، وأدام الطّرق لباب الْفرج، بإنعام التَّأَمُّل وَإِظْهَار الْعَجز، والوثوق بِأَنَّهُ فِي الذرْوَة من إحكام الرَّبْط، كَمَا كَانَ فِي الأوْج من حسن الْمَعْنى