حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أبي شُرَيْحٍ: أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ -وَهْوَ يبعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ-: ائْذَنْ لِي أيُّها الأَمِيرُ، أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُناَيَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرتهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ: حَمِدَ اللَّهَ، وَأثنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نهارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ".
فَقِيلَ لأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَناَ أَعْلَمُ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ، وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ.
(وهو يبعث البعوث إلى مكة): أي: حين أظهرَ عبدُ الله بنُ الزبير الخلافَ على يزيدَ (?) في سنة إحدى وستين من الهجرة، وكان يزيدُ قد ولَّى عمَرو (?) بنَ سعيدٍ المدينةَ.
(يسفِك): يروى: -بكسر الفاء وبضمها-، وهما وجهان جائزان.
(بها): الباء ظرفية، وقد روي: "فيها".
(ولا يعضِد): -بكسر الضاد معجمة (?) -: يقطع.
(بخَرْبة): -بتثليث الخاء المعجمة وإسكان الراء على المشهور-: