المقدار المدعُوِّ به، وليس كذلك، إنما التكرارُ تأكيد، والمعنى واحد، وأما حديثُ المدينة، فقد نص فيه على زيادة المقدار، فقال: "ضِعْفَي ما جعلتَ بمكةَ من البركة"، فهذا نصٌّ في عين المسألة.
ثم قال: ومن أعظم فضائل (?) المدينة (?) عندي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستعيذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْر؛ أي: من النقصان بعدَ الزيادة، فلو كانت مكة أفضلَ من المدينة، والمدينةُ آخرَ المسكنين؛ للزم النقصانُ بعدَ الزيادة، والأمرُ على الضد، إنما كان -عليه السلام- يزيدُ فضلُه عند الله، ولا ينقص، فدل على أن المدينة أزيدُ فضلاً.
* * *
1084 - (1887) - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ، أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ، وَقَالَ: "يَا بَنِي سَلِمَةَ! أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ؟ "، فَأَقَامُوا.
(أن تُعْرَى المدينة): بسكون العين المهملة وتخفيف الراء.
قال القاضي: ورواه المستملي في كتاب: الصلاة: "تُعَرَّى" -بفتح العين وتشديد الراء-، والصواب الأول، ومعناه تُخَلَّى فَتُترك، والعراء: الفضاء من الأرض الخالي الذي لا يستره شيء، قال الله تعالى: {فَنَبَذْنَاهُ