عيسى بن محمد بن أبي القاسم بن محمد الكردي الهكاري

، له كنيتان أبو محمد، وأبو العزائم، ولد الأمير أبي عبد الله.

كان أحد الأمراء الأعيان ذوي المكارم والإحسان، من فرسان المسلمين وحماة الدين، وكذلك كان والده، لهما المواقف المشهورة، والمآثر المذكورة.

سمع شيخنا هذا من الخطيب أبي الحسن علي بن محمد بن جميل المعافري، وأبي القاسم بن رواحة الأنصاري، وله إجازة ابن طبرزد، والكندي، مولده في ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة بالقدس الشريف، وتوفي يوم السبت الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وستين وست مائة، ودفن يوم الأحد بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق سمعت عليه كتاب «اختصار الأحكام الشرعية من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأخباره» ، جمع الإمام الْحَافِظ الفقيه المحدث أبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي، وكان قد تفرد بروايته عن الخطيب أبي الحسن بن جميل خطيب القدس عن المصنف وليس فيه حديث بإسناد نذكره، وهذه خطبة الكتاب: أخبرنا الأمير الكبير الغازي المجاهد أبو محمد عيسى بن الأمير الكبير الشهيد أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد الهكاري قراءة عليه وأنا أسمع في أواخر سنة ثلاث وستين وست مائة بالقاهرة، قال: أنا الشيخ الإمام الخطيب المحدث أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن جميل المعافري الخطيب بالمسجد الأقصى قراءة عليه وأنا أسمع، قال: حدثنا الفقيه المحدث الْحَافِظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الأزدي الإشبيلي قراءة علينا من لفظه في مدة آخرها شهر المحرم سنة ست وسبعين وخمس مائة، بمدينة بجاية قال: الحمد لله رب العالمين والصلاة والتسليم على محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى صحابته الطاهرين، وجميع عباد الله الصالحين.

أما بعد: وفقنا الله أجمعين لطاعته، وأمدنا بمعونته، وتوفأنا على شريعته، فإني جمعت في هذا الكتاب متفرقا من حديث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في لوازم الشرع وأحكامه، وحلاله وحرامه في ضروب من الترغيب والترهيب وذكر الثواب والعقاب إلى غير ذلك مما تميز حافظها وتسعد العامل بها، وتخيرتها صحيحة الإسناد، معروفة عند النقاد، قد نقلها الأثبات وتداولها الثقات، أخرجتها من كتب الأئمة وهداة الأمة: أبو عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، وفيه أحاديث من كتب أخر أذكرها عند ذكر ما أخرج منها وإذا ذكرت الحديث لواحد ممن أخرجت حديثه فكل حديث أذكره بعد ذلك فهو له، ومن كتابه، وعن ذلك الصاحب المذكور فيه حتى أذكر غيره، وأسمى سواه، وربما تخللها كلام في تفسير لغة، أو في شيء ما، وإذا ذكرت الحديث لأحدهم وقلت: زاد فلان كذا وكذا، وقال فلان كذا وكذا، فهو عن ذلك الصاحب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم أذكر الصاحب ولا النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان عن غيره سميته وذكرت عمن أخرجته، وربما وقع في هذا الكتاب ما قد تكلم فيه من طريق الإرسال أو التوقيف، أو تكلم في بعض نقلته، وليس كل كلام يقبل، ولا كل قول به يعمل، ولو ترك كل ما تكلم فيه؛ لم يبق بأيدي أهل هذا الشأن منه إلا القليل، وللكلام في هذا موضع آخر، وهذا النوع المعتذر عنه في هذا المجموع قليل، وربما نبهت على بعضه وكتبت هذه الأحاديث مختصرة الأسانيد؛ ليسهل على من أراد حفظها، ويقرب على من أراد التفقه فيها والنظر في معانيها إذ التفقه في حديث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو المعنى المقصود، والرأي المحمود، والعمل الموجود في المقام المحضور واليوم المشهود، وإلى الله عز وجل أرغب في أن يجعل ذلك خالصا لوجهه، مدنيا من رحمته، مقربا إلى جنته، معينا على أداء ما أوجب، منهضا إلى ما فيه رغب وإليه ندب برحمته، لا رب سواه وهو المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو حسبنا ونعم الوكيل ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015