يَحْيَى، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرٍ، وَجَمَاعَةٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، فَكَأَنِّي سَمِعْتُهُ فِي طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ مِنْ شَيْخِ شَيْخِنَا، وَفِي طَرِيقِ مُسْلِمٍ مِنْ عَبْدِ الْغَافِرِ شَيْخِ شَيْخِ شَيْخِنَا.
وُلِدَ شَيْخُنَا سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ، وَطِرَادٍ، وَابْنِ الْبَطِرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَسَمِعَ بِنَيْسَابُورَ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَبِبِلْخَ وَهَرَاةَ، وَدَخَلَ مَرْوَ، وَجَالَ فِي خُرَاسَانَ.
وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَكَانَ يَعِظُ وَلا يَتَكَلَّفُ، فَرُبَّمَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَمَعَهُ مَرْوِيَّاتُهُ، فَلَمَّا احْتَضَرَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: أَوْصِنَا.
فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمُرَاقَبَتِهِ فِي الْخَلْوَةِ، وَاحْذَرُوا مَصْرَعِي هَذَا، فَقُدْ عِشْتُ إِحْدَى وَسِتِّينَ سَنَةً، وَمَا كَأَنِّي رَأَيْتُ الدُّنْيَا، ثُمَّ قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: انْظُرْ، هَلْ تَرَى جَبِينِي يَعْرَقُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذِهِ عَلامَةُ الْمُؤْمِنِ.
يُرِيدَ بِذَلِكَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ.
ثُمَّ بَسَطَ يَدَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ: