النعم. . . . ثم ذكر تعالى بيوت النقلة والرحلة. . . . فقال: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} [النحل: 80] أي من الأنطاع والأدم بيوتا يعني الخيام والقباب يخف عليكم حملها في الأسفار. " (?) .
لذا كان من طبع الإنسان أن ينشئ البيوت ويسكن إليها وفيها، رغبة في القرار والاستتار والاحتماء.
ونظرا لهذه الأهمية جعل الإسلام لها حرمة عظيمة، بحيث لا يدخلها غير صاحبها إلا بإذن.
وغني عن البيان أن الإسلام - وهو دين الوسطية - يندب إلى اتخاذ البيوت المعتدلة قوة واتساعا، ومظهرا.
فإذا كان من غير المقبول عقلا أن يعيش الإنسان في مكان لا يحقق غرضه بسبب ضيقه أو فساده أو قذارته، فكذلك لا يستحسن شرعا أن يتباهى الناس في البنيان ويتطاولوا فيه، وينفقوا فيه أموالهم التي يحتاجونها في أمور ضرورية أخرى.
وقد وردت آثار نبوية تحذر من ذلك.
ومنها ما جاء عن عبد الله بن عمرو قال: «مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أطين حائطا لي أنا وأبي، فقال: " ما هذا يا عبد الله؟ " فقلت يا رسول الله، شيء أصلحه، فقال " الأمر أسرع من ذاك» (?) ".
غير أن البناء المعتدل وإن كان واسعا فإنه من المباحات. فقد قال عليه الصلاة والسلام: «من سعادة المرء، الجار الصالح، والمركب الهني، والمسكن الواسع» (?) .