هكذا تموت الأفكار تاركة العقول فارغةً وحتى اللغات تستسلم للعجز. ويقع المجتمع في الطفولة. فالطفل دون أفكار يعبر بطريقة بدائية بالحركة أو بالصوت.

والمجتمع الذي يقع في مثل تلك الطفولية يكشف عن ظواهر غريبة من التعويض عن افتقاره إلى الأفكار. إنه محكوم بالتعويض عنها وخاصة في نشاطاته الذهنية ببدائل فكرية.

وتظهر هنا الحركة التي تكمل الجملة الناقصة؛ لأن صاحبها لا يستطيع أن يكملها. فحين لا توجد الأفكار لا توجد الكلمات.

لقد أوضح هذه الحقيقة (بوالو boileau) الناقد الكبير في كتابه (الفن الشعري L'art poetique) (?) .

.......... ما نفهمه جيداً نعبر عنه بوضوح ..........

.......... وتأتي الكلمات لتقوله بسهولة ..........

فعدم التماسك تبدو علاماته حينما تنعدم الأفكار. حينئذ يأتي الصوت ليعلو كيما يحلّ محل حجة افتقدت.

ويبرز التصنع البلاغي في الأدب: الإفراط في أدوات التفضيل، التشدّق بالأوصاف، مثل عبارة (الشعب البطل) في دستورٍ لإحدى البلاد العربية، وكما وردت في إحدى صحف الدوله ذاتها صورة شخصٍ لا ندري كيف اندسَّ في الثورة الجزائرية، وتحتها العبارة العجيبة التالية: (أحد عمالقة الثورة).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015