وهنا نقول عن طيب خاطر- إذا سمح لنا الأستاذ سيكار-: إن تحليله صحيح في موضوعيته، وقد أشرنا نحن أيضاً في دراسة سابقة إلى ظاهرة تَقَطُّع الزمن في العالم الإسلامي المعاصر (?). لذا فهو يكشف لنا بدقة عن الجذور التي سبق أن ألمحنا إليها.

فالزمن في نظر الأستاذ (سيكار) لا اعتبار له إلا في عالم الأشياء. والحياة نفسها لا معنى لها إلا حينما تنساب لحظاتها في طاولة (روبنسون كروزو) على سبيل المثال.

لكن هذا في الحقيقة غُلوٌّ في تقدير الأمور عبر الزمن، والمجتمع الغربي يستطيع اليوم حساب نتائجه المدمّرة.

وإذا كان ينبغي على البلاد الإسلاميّة أن تعرف كيف تقدّر في (ثقافتها) الحاضرة- إذا جاز التعبير- الآثار السلبية للتفريط بقيمة الزمن في نشاطها، فإنَّ عليها بالمقابل أن لا تغلو في الإفراط في تقديره حيث نستطيع أن نرى بسهولة نتائجه السلبيَّة في البلاد الصناعية.

والإشارة إلى المغالاة في جانبَي الإفراط والتفريط لا تحجب عنا حقيقةً أساسيَّةً؛ هي أننا نتناول ثقافتين في لحظة أُفولها. وهذا ما فات الأستاذ (سيكار) في مؤتمر علم الاجتماع بفارنا. فالفكر الأوربي يجهل قانون التداول بين الأوج والحضيض في مسيرة الحضارة.

ذلك أنَّ أوربة كانت قبل (لوكراس) (?) وبعده. وقبل (بلانك) (?) وبعده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015