قَوْله {وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار مَا كَانَ} مَا الثَّانِيَة للنَّفْي لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب وَقَالَ بعض الْعلمَاء الطَّبَرِيّ وَغَيره هِيَ فِي مَوضِع نصب بيختار وَلَيْسَ ذَلِك بِحسن فِي الاعراب لِأَنَّهُ لَا عَائِد يعود على مَا فِي الْكَلَام وَهُوَ أَيْضا بعيد فِي الْمَعْنى والاعتقاد لِأَن كَونهَا للنَّفْي يُوجب أَن تعم جَمِيع الْأَشْيَاء أَنَّهَا حدثت بِقدر الله واختياره وَلَيْسَ للْعَبد فِيهَا شَيْء غير اكتسابه بِقدر من الله واذا جعلت مَا فِي مَوضِع نصب بيختار لم تعم جَمِيع لِأَشْيَاء أَنَّهَا مختارة لله انما أوجبت أَنه يخْتَار مَا لَهُم فِيهِ الْخيرَة لَا غير وَنفي مَا لَيْسَ لَهُم فِيهِ خيرة وَهَذَا هُوَ مَذْهَب الْقَدَرِيَّة والمعتزلة فكون مَا للنَّفْي أولى فِي الْمَعْنى وَأَصَح فِي التَّفْسِير وَأحسن فِي الِاعْتِقَاد وَأقوى فِي الْعَرَبيَّة أَلا ترى أَنَّك لَو جعلت مَا فِي مَوضِع نصب لَكَانَ ضميرها فِي كَانَ اسْمهَا