وهم المحجوبون بمحض الظلمة، وهم الملحدة الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر. وهم الذين استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة لأنهم لا يؤمنون بالآخرة أصلاً (و 19ـ ا) وهؤلاء صنفان: صنف تشوَّف إلى طلب سبب لهذا العالم فأحاله إلى الطبع: والطبع عبارة عن صفة مركوزة في الأجسام حالّة فيها؛ وهى مظلمة إذ ليس لها معرفة وإدراك ولا خبر لها من نفسها ولا مما يصدر منها؛ وليس لها نور يدرك بالبصر الظاهر أيضاً.
والصنف الثانى: هم الذين شغلوا بأنفسهم ولم يفرغوا لطلب السبب أيضاً، بل عاشوا عيش البهائم، فكان حجابهم نفوسهم الكدرة، وشهواتهم المظلمة، ولا ظلمة أشد من الهوى والنفس: ولذلك قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلاهه هَوَاهُ} وقال [رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] "الهوى أبغض إله عبد في الأرض". وهؤلاء انقسموا فرقاً: فرقة زعمت أن غاية الطلب في الدنيا هى قضاء الأوطار ونيل الشهوات وإدراك اللذات البهيمية من منكح ومطعم وملبس. فهؤلاء عبيد اللذة، يعبدونها ويطلبونها ويعتقدون أن نيلها غاية السعادات: رضوا لأنفسهم أن يكونوا بمنزلة البهائم بل أخس منها. وأى ظلمة أشد من ذلك؟ فقد حجب هؤلاء بمحض الظلمة.
وفرقة رأت أن غاية السعادات هى الغلبة والاستيلاء والقتل والسبى والأسْر، وهذا مذهب الأعراب والأكراد وكثير من الحمقى، وهم محجوبون