ومعرفة هذا يستدعى تقديم قطبين يتسع المجال فيهما إلى غير حد محدود. لكنى أشير إليهما بالرمز والاختصار: أحدهما في بيان سر التمثيل ومنهاجه ووجه ضبط أرواح المعانى بقوالب الأمثلة، ووجه كيفية المناسبة بينها، وكيفية الموازنة بين عالم الشهادة التى منها تتخذ طينة الأمثال، وعالم الملكوت الذى منه تستنزل أرواح المعانى. والثانى في طبقات أرواح الطينة البشرية ومراتب أنوارها؛ فإن هذا المثال مسوق لبيان ذلك؛ إذ قرأ ابن مسعود "مثل نوره في قلب المؤمن كمشكاة" وقرأ أُبّى بن كعب: "مثل نور قلب من آمن".
الأول في سر التمثيل ومنهاجه.
اعلم أن العالم عالمان: روحانى وجسمانى: وإن شئت قلت: حسى وعقلى؛ وإن شئت علوى وسفلى. والكل متقارب، وإنما تختلف باختلاف الاعتبارات: فإذا اعتبرتهما في أنفسهما قلت جسمانى وروحانى، وإن اعتبرتهما بالإضافة إلى العين المدركة لهما قلت حسى وعقلى. وإن اعتبرتهما بإضافة أحداهما إلى الآخر قلت علوى وسفلى. وربما سميت أحدهما عالم الملك والشهادة والآخر عالم الغيب والملكوت. ومن نظر إلى الحقائق من