وصفه به. أما "وات" فيقول إن الواصلين الذين يتكلم عنهم الغزالى لا يمتازون عن غيرهم من المحجوبين إلا في أنهم يأخذون بنظرية "المطاع". ثم يقول إن فصل الحجب ليس له توطئة تمهد له في الرسالة: وأى توطئة للكلام عن الحجب أقوى من ذكر النور وأنواعه ودرجاته: لأن الحجب التى تكلم عنها الغزالى حواجز تخفى هذا النور وتحول دون ظهوره وجلائه. فإذا ارتفعت الحجب بجميع أنواعها ظهر النور الإلهى القاهر وأحرقت سبحات وجه الله كل ما أدركه بصر الناظرين وبصيرتهم كما يقول الحديث.
وفيم الشك في نسبة الفصل الثالث من الرسالة إلى الغزالى وهو يقرر فيها أنها مؤلفة من ثلاثة فصول - لا من فصلين، ويشير صراحة إلى حديث الحجب الذى هو موضوع الفصل الثالث، ويحيل في الفصلين الأول والثانى على الفصل الثالث، وفي الفصل الثالث عليهما؟
ومما يثبت صحة نسبة الفصل الثالث إلى الرسالة أنه ورد برمته في مخطوطة شهيد على التى كتبت سنة 509 أى بعد وفاة المؤلف بأربع سنوات.
وأخيراً نرى ابن طفيل يقتبس فقرة طويلة هامة من هذا الفصل في رسالة "حى بن يقظان" من غير أن يثير شكاً أو إشكالاً حول صحة نسبته إلى الغزالى.
فالشواهد كلها مجمعة على أن فصل الحجب في رسالة المشكاة جزء أصيل منها متمم للفصلين السابقين عليه، وأنه من حيث المادة والأسلوب متمش مع بقية الرسالة غير مقحم عليها.