برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يسمى هذا العمل من قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - رضا بأحكام الكفر، أو رضا بما يشرعونه من دون الله، أو ركونًا ومساندة للذين ظلموا. وإن دخول المجالس التشريعية لا يخرج عن هذا المعنى، فلا يقال لمن عمد إلى الاستفادة من نظم لا تحكم بالإسلام دون الرضا بها: إنه رضي بالكفر وقوانين الكفر، وأن هذا كفر.
ويبني المجيزون موقفهم على أساس أن الانتخابات جزء من دائرة الشورى والنصيحة، وتقوم قواعد الإسلام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لمن ولاه الله من أمور المسلمين ومراقبة الحكومات ومحاسبتها، ويدخل في ذلك قول كلمة الحق ومراقبة التشريع الذي يؤدي إلى درء مفسدة تشريع القوانين التي تخالف الشريعة الإسلامية وتضر بمصلحة الوطن والمواطنين وتفويت الفرصة على من لا يصلح لشغل هذه المواقع.
والترشح للانتخابات يدخل من باب النية الحسنة ومصلحة الإسلام والمسلمين. ويوسف ـ عليه السلام ـ عندما رأى في نفسه الكفاءة طلب من ملك مصر أن يوليه خزائن الأرض: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف:55]، وهم يرون أن من واجب المسلم أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر في المجتمع الذي يعيش فيه، والانتخابات وسيلة من الوسائل التي يستطيع بها المسلم إقامة هذا الواجب، وبتطبيق قاعدة أخف الأضرار يتعامل المسلم مع المرشحين في الانتخابات، فيختار الأفضل من وجهة النظر الإسلامية، فإن لم يجد فليختر أقل المرشحين ضررًا للمسلمين، وبهذا يدفع الضرر عن المسلمين ما أمكن، وبهذا تكون المشاركة في الانتخابات لون من ألوان الجهاد.
فالانتخابات في العصر الحاضر، هي وسيلة تعارفت عليها الشعوب لاختيار من يمثلها في شئون الحكم وإدارة البلاد. وقد أصبحت هذه الوسيلة شائعة في أكثر البلاد الإسلامية، وإن كان يدخلها التزوير في كثير من الأحيان بنسبة تقل أو تكثر بحسب أنواع الأنظمة ومدى استبدادها بشعوبها .. (?)