ومما يدل على فساد القول بتحريم تولي الولايات العامة (الوزارة ونحوها وكذلك النيابة التشريعية) في ظل الأنظمة القائمة أن هذا هو قول أهل الغلو، وجماعات تكفير المجتمع فلم يعرف هذا القول في بدايته إلا عنهم، ومنهم انتشر في بعض من غرر بأقوالهم. فجماعة شكري مصطفى كانت أول جماعة فيما أظن قالت بعدم جواز تولي أية ولاية عامة أو خاصة في الحكومات المعاصرة بناء على عقيدتها في كفر المجتمع كله، وكفر الحكام جميعا، وسواء عندهم أكانت الولاية وزارة أو إمامة صلاة أو غير ذلك. يقول أحدهم: (كل الأعمال حلالها وحرامها في هذا المجتمع الجاهلي لا بد أن تصب في النهاية في مصب واحد هو خدمة وبناء هذا المجتمع الكافر). (?)
بل بالغ شكري مصطفى فقال بعد أن ذكر مجموعة من الوظائف:
(كل ذلك .. إنما هو سلطان الطاغوت ودائرة اختصاصه ومواد ألوهيته، والداخلون في نظامه هم عبيده وسدنة محرابه وأنه لا شيء مما ذكرنا ولا قشة ترفع في الطريق بأمر البلدية في بلد الطاغوت إلا وهي داخلة في إلاهيته). (?)
وقد وافق هؤلاء الغلاة بعض إخواننا السلفيين وللأسف أنهم استدلوا على ذلك بقريب مما استدل به الغلاة.
ــــــــ