وَجَلَّ بَعَثَ [ص:271] إِلَيْنَا نَبِيَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنَا أَنْ لَا نَسْجُدَ إِلَّا لِلَّهِ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: وَمَا ذَاكَ؟ فَأُخْبِرَ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ؟ قَالَ: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ الَّتِي لَمْ يَمْسَسْهَا بَشَرٌ وَلَمْ يَفْرِضْهَا وَلَدٌ فَتَنَاوَلَ النَّجَاشِيُّ عُودًا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ مَا تَزِيدُونَ عَلَى مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ مَا يَزِنُ هَذِهِ، فَمَرْحَبًا بِكُمْ وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ فَأَنَا أَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ نَبِيُّ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي عِنْدَهُ فَأَحْمِلُ نَعْلَيْهِ أَوْ قَالَ: أَخْدُمُهُ، فَانْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ مِنْ أَرْضِي فَجَاءَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَبَادَرَ فَشَهِدَ بَدْرًا (?)

والشاهد في هذه الرواية أنه آمن وشهد شهادة الحق في عيسى ومحمد عليهما السلام. وبقى في ملكه الذي هو فيه يحكم قوماً من الكفار لم يطاوعوه في إيمانه ولم يدخلوا فيما دخل فيه.

ولو كان من مستلزمات الإسلام وشرائطه وجوب التنحي والابتعاد عن مشاركة الكفار لما أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما وصفه الرسول بعد موته بأنه رجل صالح وأمر الصحابة رضوان الله عليهم بالصلاة عليه.

ولا شك أن بقاء النجاشي في ملكه وأمره قومه بالحق وإقامة ما أقامه من العدل فيهم خير من ترك ذلك وهذا بحمد الله دليل صريح من السنة على ما نحن بصدده.

ويرى أصحاب هذا الرأي أنه لا فرق بين الدخول إلى المجالس التشريعية في الحكومات القائمة وبين تولي المناصب العامة فيها، فإن تولي السلطة التشريعية كتولي السلطة التنفيذية؛ لأن كل سلطة من هاتين السلطتين تنبع من نفس النظام، بل إن الوضع الشرعي للمسلم يكون في السلطة التشريعية أفضل وأسلم من كونه في السلطة التنفيذية؛ لأنه لا يرغم حسب النظام الديمقراطي على أن يوافق على تشريع مخالف للدين، بل من حقه أن يعترض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015