بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى [طه:61] كلمة واحدة صارت قنبلة, قال الله عز وجل: فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ [طه:62] الفاء دالة على الترتيب والتعقيب والسببية, من وقت ما قال الكلمة هذه تنازعوا أمرهم بينهم, وإذا تنازع الناس فهو فشل, كما قال الله عز وجل: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا [الأنفال:46] فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى [طه:62]. والنتيجة أن هؤلاء السحرة الذين جاءوا ليضادوا موسى صاروا معه, ألقوا سجداً لله, وأعلنوا: آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى [طه:70] وفرعون أمامهم, أثرت كلمة الحق من واحد أمام أمة عظيمة زعيمها أعتى حاكم. فأقول: حتى لو فرض أن مجلس البرلمان ليس فيه إلا عدد قليل من أهل الحق والصواب سينفعون, لكن عليهم أن يصدقوا الله عز وجل, أما القول: إن البرلمان لا يجوز ولا مشاركة الفاسقين, ولا الجلوس معهم, هل نقول: نجلس لنوافقهم؟ نجلس معهم لنبين لهم الصواب. بعض الإخوان من أهل العلم قالوا: لا تجوز المشاركة, لأن هذا الرجل المستقيم يجلس إلى الرجل المنحرف, هل هذا الرجل المستقيم جلس لينحرف أم ليقيم المعوج؟! نعم ليقيم المعوج, ويعدل منه, إذا لم ينجح هذه المرة نجح في المرة الثانية. السائل: ... الانتخابات الفرعية القبلية يا شيخ! الجواب: كله واحد أبداً رشح من تراه خَيِّرَاً، وتوكل على الله.")) (?) ..
وأرى من المناسب هنا إيراد اعتراض للأستاذ محمد قطب حول هذا التأويل الذي أشرنا إليه حيث أنكر في كتابه واقعنا المعاصر على الإسلاميين الذين يرون دخول المجالس النيابية، ورفض مبرراتهم في ذلك ومنها قولهم إننا نسمعهم صوت الإسلام، ونعلن رفضنا للتشريع من دون الله، ثم قال: ((يقولون: ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يذهب إلى قريش في ندوتها ليسمعها كلام الله؟ بلى كان يذهب إليهم في ندوتهم لينذرهم، ولكنه لم يكن يشارك في ندوتهم، ولو أن مسلماً يدعو إلى تحكيم شريعة الله، استطاع أن يذهب إلى ندوة الجاهلية المعاصرة، ويُسمح له بالكلام فيها كما كانت تسمح الجاهلية الأولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لكان واجباً عليه أن يذهب وأن يبلغ، لأنه في هذه الحالة لا يكون عضواً في هذه الندوة، إنما هو داعية من خارجها، جاء يدعو إلى اتباع ما أنزل الله