إِذْ اسْلَمْ على الآخر أعلمهُ أَنه مسالم لَهُ لَا يخَاف مِنْهُ وَقيل مَعْنَاهُ الدُّعَاء أَي السَّلامَة لكم وَقيل معنى السَّلَام عَلَيْكُم أَي الله مَعكُمْ كَمَا يُقَال الله حافظك وحائطك أَو حفظ الله عَلَيْكُم وَفِي خبر السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله فأفشوه بَيْنكُم وَقَوله مَا مِنْكُم أحد الا وَقد وكل بِهِ قرينه قيل وَأَنت قَالَ وَأَنا إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم روينَاهُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْح فَمن ضم رد ذَلِك إِلَى النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي فَأسلم أَنا مِنْهُ وَمن فتح رده إِلَى القرين أَي أسلم من الْإِسْلَام وَقد روى فِي غير هَذِه الْأُمَّهَات فاستسلم وَقَوله مَا كَانَ من أَرض سلم فَفِيهَا الزَّكَاة كَذَا لجمهورهم بِفَتْح السِّين وَمَعْنَاهُ أَرض إِسْلَام وَعند أبي ذَر السَّلَام معرفَة وَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ أَرض الْإِسْلَام وَعند الْجِرْجَانِيّ أَرض مُسلم وَقَوله أسلم سَالَمَهَا الله من مجانسة الْكَلَام لِأَن من سالمته لم يرمنك مَا يكره فَإِنَّهُ دَعَا لَهَا بِأَن يصنع الله بهَا مَا يُوَافِقهَا وَيكون سَالَمَهَا بِمَعْنى سلمهَا وَجَاء بفاعل كَمَا قَالَ قَاتله الله بِمَعْنى قَتله وَقَوله أَن سيد الْحَيّ سليم أَي لديغ يُقَال لمن لدغه ذَوَات السمُوم سليم على معنى التفاؤل بسلامته من ذَلِك وَقيل سمي بذلك لاستسلامه لما بِهِ وَقَوله أسلم تسلم الأول بِكَسْر اللَّام من الْإِسْلَام وَالثَّانِي بِفَتْحِهَا من السَّلامَة وأصل الْإِسْلَام الانقياد وَفرق فِي حَدِيث جِبْرِيل بَينه وَبَين الْإِيمَان فَجعل الْإِيمَان بَاطِنا بِمَا تعلق بِعَمَل الْقلب وَالْإِسْلَام ظَاهرا بِمَا تعلق بِعَمَل الْجَوَارِح وَهَذَا نَحْو قَوْله تَعَالَى) قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا
(فَفرق بَينهمَا وَقد جَاءَ أَيْضا بِمَعْنى وَاحِد وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فأخرجنا من كَانَ فِيهَا من الْمُؤمنِينَ فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين وأصل الْإِسْلَام الطَّاعَة والانقياد وَمِنْه قَوْله تَعَالَى واجعلنا مُسلمين لَك وأصل الْإِيمَان التَّصْدِيق وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَمَا أَنْت بِمُؤْمِن لنا وَلَو كُنَّا صَادِقين فَإِذا جاآ مفترقين فعلى أصل الْوَضع فِي اللُّغَة وَإِذا جاآ مُجْتَمعين فعلى مشاركتهما فِي مَعْنَاهُمَا لِأَن الْعَمَل فِي الْجَوَارِح طَاعَة لله وتصديق لأوامره ووعده ووعيده وإيمان بذلك وَلِأَن الْإِيمَان بِالْقَلْبِ طَاعَة لله وانقياد لأوامره وَقَوله أَن الرجل ليسلم وَمَا يُرِيد إِلَّا الدُّنْيَا فَمَا يسلم حَتَّى يكون الْإِسْلَام أحب إِلَيْهِ من الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا مَعْنَاهُ ينقاد ظَاهرا طلبا للدنيا أَو يحب الدُّخُول فِي الْإِسْلَام طلبا للدنيا فَمَا يلتزمه وينقاد لشرائعه ويتمكن فِي قلبه حَتَّى يصرفهُ عَن الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة وَقَوله فِي الْإِمَامَة فأقدمهم سلما بِكَسْر السِّين كَذَا رَوَاهُ مُسلم فِي حَدِيث ابْن أبي شيبَة أَي إسلاما وَفِي رِوَايَة غَيره أقدمهم سنا وَفِي الحَدِيث الآخر أكبرهم سنا وَهَذِه تعضد الرِّوَايَة الثَّانِيَة وَقَوله فاستلم الْحجر قَالَ الْأَزْهَرِي هُوَ افتعل من السَّلَام بِالْفَتْح كَأَنَّهُ حَيَّاهُ بذلك وَقَالَ القتبي هُوَ افتعل من السَّلَام بِالْكَسْرِ وَهِي الْحِجَارَة وَمَعْنَاهُ لمسه كَمَا يُقَال اكتحل من الْكحل وَقَوله عَن سلمات الطَّرِيق بِكَسْر اللَّام وَأُولَئِكَ السلمات مثله كَذَا ضَبطه الْأصيلِيّ فيهمَا قيل حجارها جمع سَلمَة بِالْكَسْرِ وَضَبطه غير الْأصيلِيّ فيهمَا بِفَتْح اللَّام جمع سَلمَة وَهِي شجر من العضاه وَهِي شجر الْقرظ وَقَالَ الدَّاودِيّ سلمات الطَّرِيق الَّتِي تتفرع من جوانبه وَهَذَا غير مَعْرُوف لُغَة وَقَوله على كل سلامي من النَّاس صَدَقَة أَي فِي كل عظم ومفصل وَأَصله عِظَام الْكَفّ وَإِلَّا كارع وَقد جَاءَ هَذَا فِي الحَدِيث مُفَسرًا فَذكر ثَابت فِي دلائله عَنهُ (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لِابْنِ آدم ثَلَاثمِائَة مفصلا وَسِتُّونَ مفصلا على كل مفصل صَدَقَة قَالُوا وَمن يَسْتَطِيع ذَلِك قَالَ ينحى أحدكُم الْأَذَى عَن الطَّرِيق ويبزق فِي الْمَسْجِد فيدفنه فَإِن لم يسْتَطع فَإِن رَكْعَتي الضُّحَى تجزآنه وَفِي مُسلم فِي كل تَسْبِيحَة صَدَقَة وكل تَحْمِيدَة صَدَقَة وكل تَكْبِيرَة صَدَقَة وكل تَهْلِيلَة صَدَقَة وَأمر بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَة وَنهى عَن الْمُنكر صَدَقَة وتجزئ عَن ذَلِك رَكْعَتَانِ