وشره، وهو أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك ... " الحديث، وفيه: "وإن مُتّ، ولست على ذلك دخلت النار".
وأخرجه الطبراني من وجه آخر بسند حسن، عن أبي إدريس الخولانيّ، عن أبي الدرداء، مرفوعًا مقتصرًا على قوله: "إن العبد لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه".
28 - (ومنها): أن فيه أن الأقدار غالبة، والعاقبة غائبة، فلا ينبغي لأحد أن يغتر بظاهر الحال، ومن ثَمَّ شُرِع الدعاء بالثبات على الدين، وبحسن الخاتمة، اللهم أحينا وأمتنا على السنّة، وابعثنا عليها، واجعلنا من خيار أهلها في محيانا ومماتنا، إنك أنت السميع العليم.
[تنبيه]: حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- المذكور في الباب قد يقال: يُعارضه حديث علي -رضي الله عنه- الآتي بعد حديث، وهو متّفقٌ عليه، حيث سأل الصحابة -رضي الله عنهم- عن فائدة العمل مع تقدم التقدير، فأجابهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "اعملوا فكل ميسر لما خُلِق له".
ويُجمع بينهما بحمل حديث علي -رضي الله عنه- على الأكثر الأغلب، وحمل حديث الباب على الأقل، ولكنه لما كان جائزًا تعين طلب الثبات، قاله في "الفتح".
[تنبيه آخر]: حَكَى ابن التين أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله لمّا سمع هذا الحديث أنكره، وقال: كيف يصحّ أن يعمل العبد عمره الطاعةَ، ثم لا يدخل الجنة. انتهى.
وقد توقف ابن الملقن في صحة ذلك عن عمر، قال الحافظ رحمه الله: وظهر لي أنه إن ثبت عنه حُمِل على أن راويه حذف منه قوله في آخره: "فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها"، أو أكمل الراوي، لكن استبعد عمر وقوعه، وإن كان جائزًا، ويكون إيراده على سبيل التخويف من سوء الخاتمة، انتهى (?)، والله تعالى أعلم