سَوَاءٌ نَفَوْهُ أَوْ سَعَوْا لِيُخَاصِمُوا ... بِهِ اللَّهَ أَوْ مَا رَوْا بِهِ لِلشَّرِيعَة

وَأَصْلُ ضَلَالِ الخُلْقِ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ ... هُوَ الْحَوْضُ في فِعْلِ الإِلَهِ بِعِلَّةِ

فَإِنَّهُمُوا لَمْ يَفْهَمُوا حِكْمَةً لَهُ ... فَصَارُوا عَلَى نَوْع مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ

فَإِنَّ جَمِيعَ الْكَوْنِ أَوْجَبَ فِعْلَهُ ... مَشِيئَةُ رَبِّ الْخَلْقِ بَارِي الخُلِيقَةِ

وَذَاتُ إِلَهِ الْخَلْقِ وَاجِبَة بِمَا ... لهَا مِنْ صِفَاتِ وَاجِبَاتٍ قَدِيمَةِ

مَشِيئَتُهُ مَعْ عِلْمِهِ ثُمَّ قُدْرَةٍ ... لَوَازِمُ ذَاتِ اللَّه قَاضِي الْقَضِيَّةِ

وَإِبْدَاعُهُ مَا شَاءَ مِنْ مُبْدَعَاتِهِ ... بِهَا حِكْمَةٌ فِيهِ وَأَنْوَاعُ رَحْمَةِ

وَلَسْنَا إِذَا قُلْنَا جَرَتْ بِمَشِيئَةٍ ... مِنَ المُنْكِرِي آيَاتِهِ المُسْتَقِيمَةِ

بَلِ الحقُّ أَنَّ الْحُكْمَ للَّه وَحْدَهُ ... لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ الَّذِي في الشَّرِيعَةِ

هُوَ الْمَلِكُ الْمَحْمُودُ في كُلِّ حَالَةٍ ... لَهُ الْمُلْكُ مِنْ غَيْرِ انْتِقَاصٍ بِشِرْكَةِ

فَمَا شَاءَ مَوْلانَا الإِلَهُ فَإِنَّهُ ... يَكُونُ وَمَا لَا لَا يَكُونُ بِحِيلَةِ

وَقُدْرَتُهُ لَا نَقْصَ فِيهَا وَحُكْمُهُ ... يَعُمُّ فَلا تَخْصِيصَ في ذِي الْقَضِيِّةِ

أُرِيدُ بِذَا أَنَّ الحوَادِثَ كُلَّهَا ... بِقُدْرَتِهِ كَانَتْ وَمَحْضِ الْمَشِيئَةِ

وَمَالِكُنَا في كلِّ مَا قَدْ أَرَادَهُ ... لَهُ الْحَمْدُ حَمْدًا يَعْتَلي كُلَّ مِدْحَةِ

فَإِنَّ لَهُ في الْخَلْقِ رَحْمَتُهُ سَرَتْ ... وَمِنْ حِكَمِ فَوْقَ الْعُقُولِ الْحَكِيمَةِ

أُمُورًا يَحَارُ الْعَقْلُ فِيهَا إِذَا رَأَى ... مِنَ الْحِكَم الْعُلْيَا وَكُلِّ عَجِيبَةِ

فَنُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ بِقُدْرَةٍ ... وَخَلْقٍ وَإِبْرَامِ لحُكْمِ المَشِيئَةِ

فَنُثْبِتُ هَذَا كُلَّهُ لإِلَهِنَا ... وَنُثْبِتُ مَا في ذَاكَ مِنْ كُلِّ حِكْمَةِ

وَهَذَا مَقَامٌ طَالمَا عَجَزَ الأُولَى ... نَفَوْهُ وَكَرُّوا رَاجِعِين بِحَيْرَةِ

وَتَحْقِيقُ مَا فِيهِ بِتَبْيِينِ غَوْرِهِ ... وَتَحْرِيرِ حَقِّ الْحَقِّ في ذِي الْحَقِيقَةِ

هُوَ الْمَطْلَبُ الأَقْصَى لِوُرَّادِ بَحْرِهِ ... وَذَا عَسِرٌ في نَظْم هَذِي الْقَصِيدَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015