وقال الخطيب: كان أحد الأئمة الحفاظ الأثبات، مشهورًا بالعلم، مذكورًا بالفضل، وكان أول كَتْبِهِ الحديثَ سنة (209)، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أولَ سنة خرجتُ في طلب الحديث أقمت سنين أحسب ما مشيت على قدميّ زيادةً على ألف فرسخ، فلم أزل أُحصي حتى لمّا زاد على ألف فرسخ تركته. قال: وسمعت أبي يقول: أقمت سنة أربع عشرة ومائتين بالبصرة ثمانية أشهر، قد كنت عزمت على أن أقيم سنة، فانقطعت نفقتي، فجعلت أبيع ثيابي شيئًا بعد شيء حتى بقِيتُ بلا شيء. وقال أيضًا: سمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب عليّ حديثا مسندا صحيحًا لم أسمع به، فله علي درهم يتصدق به، وهناك خلق من الخلق، أبو زرعة فمن دونه، وإنما كان مرادي أن أستخرج منهم ما ليس عندي، فما تهيأ لأحد منهم أن يُغرِب عليّ حديثًا.

وقال أحمد بن سلمة النيسابوري: ما رأيت بعد إسحاق ومحمد بن يحيى أحفظ للحديث، ولا أعلم بمعانيه من أبي حاتم. وقال عثمان بن خُرَّزاذ: أحفظ من رأيت أربعة: إبراهيم بن عرعرة، ومحمد بن المنهال الضرير، وأبو زرعة، وأبو حاتم. وقال حجاج بن الشاعر، وذكر له أبو زرعة، وأبو حاتم، وابن وارة، وأبو جعفر الدارميّ: ما بالمشرق قوم أَنْبَل منهم.

وقد ذكر ابن أبي حاتم في "مقدمة الجرح والتعديل" لوالده ترجمة مَلِيحَةً، فيها أشياء تدل على عِظَم قدره، وجلالته، وسعة حفظه رحمه الله، منها ما قال أبو حاتم: قَدِمَ محمد بن يحيى النيسابوري الرَّيَّ، فألقيتُ علية ثلاثة عشر حديثًا من حديث الزهريّ، فلم يَعرِف منها إلا ثلاثة، وهذا يدل على حفظٍ عظيمٍ، فإن الذُّهْلي شَهِد له مشايخه، وأهل عصره بالتبحر في معرفة حديث الزهريّ، ومع ذلك فأغرب عليه أبو حاتم.

قال ابن المنادي، وغير واحد: مات في شعبان سنة (277). وقال ابن يونس في "تاريخه": مات بالريّ سنة (79)، والأول أصح، وكان مولده سنة (195).

وله في هذا الكتاب ثلاثة أحاديث فقط، برقم 70 و 2431 و 2723.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015