والمجرور قبله، أو متعلّق بحال مقدّر: أي حال كونه كائنًا في آخر ما نزل من الآيات، والظاهر أنه أراد بذلك أنه مما لم يُنسَخ، لا أن هذه الآية آخر ما نزل من القرآن، فإن آخر ما نزل منه آية {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] الآية، ويحتمل أن يكون المعنى أنها في سورة هي من أواخر ما نزل من السور، فإنها من سورة التوبة، وهي من أواخر ما نزل، على ما قيل (يَقُولُ اللَّه: {فَإِنْ تَابُوا}، قَالَ) أنس -رضي الله عنه- مبيّنًا معنى التوبة هنا (خَلْعُ) بفتح، فسكون: أي نزع محبتها من القلب (الْأَوْثَانِ) بالفتح: جمع وَثَن بفتحتين: هو الصنم، سواء كان من خشب، أو حجر، أو غيرهما، وقيل: الصنم هو المتّخذ من الجواهر المعدنيّة التي تذوب، والوثن: هو المتخذ من حجر، أو خشب، أو نُحاس. قاله في "المصباح" (وَعِبَادَتِهَا) أي ترك عبادتها {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} وَقَالَ في آيَةٍ أُخْرَى) أي من سورة التوبة أيضًا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ في الدِّينِ} [التوبة: 11]) يعني أن الله سبحانه وتعالى جعل من تاب عن الشرك، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة ممن ثبت له الأخوّة الإيمانية، حيث كان مؤمنًا، فله ما لهم، وعليه ما عليهم. والله تعالى أعلم بالصواب.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث أنس -رضي الله عنه- هذا انفرد به المصنّف، أخرجه هنا بهذا السند، وهو ضعيف، لأنه من رواية أبي جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، قال ابن حبّان: الناس يتّقون حديثه ما كان من رواية أبي جعفر الرازي عنه؛ لأن في أحاديثه اضطرابًا كثيرًا. وأما قول الحاكم في "المستدرك" 2/ 331 بعد إخراجه له: صحيح الإسناد، فمن تساهلاته، وكذا موافقة الذهبيّ له عليه، فتنبّه، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015