وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المتَّصل إلى الإمام ابن ماجه رحمه الله في أول الكتاب قال:
67 - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ، وَوَالِدهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
وهم المذكورون في السند الماضي. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ) ووقع عند النسائيّ بلفظ: "عن قتادة، أنه سمع أنسًا يقول، فصرّح قتادة بالسماع (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ) أي إيمانًا كاملًا، وفي رواية الإسماعيليّ: "لا يؤمن الرجل"، قال في "الفتح": وهو أشمل من جهة، و"أحدكم" أشمل من جهة، وأشمل منهما رواية الأصيليّ: "لا يؤمن أحدٌ". انتهى.
(حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ) هو أفعل تفضيل بمعنى المفعول، وهو مع كثرته على خلاف القياس، وفصل بينه وبين معموله بقوله: (إِلَيْهِ) لأن الممتنع الفصل بأجنبيّ (مِنْ وَلَدهِ، وَوَالِدهِ) قُدّم الولد في رواية المصنّف على الوالد لمزيد الشفقة، وقدّم الوالد في رواية البخاريّ؛ نظرًا للأكثريّة؛ لأن كلّ أحد له والد من غير عكس (وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) من عطف العام على الخاصّ.
قال في "الفتح": وذِكرُ الولد والوالد، أدخلُ في المعنى؛ لأنهما أعز على العاقل من الأهل والمال، بل ربما يكونان أعز من نفسه، ولهذا لم يذكر النفس أيضا في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وهل تدخل الأم في لفظ "الوالد"؟، إن أريد به من له الولد فيعم، أو يقال: اكتُفِيَ بذكر أحدهما كما يُكتفي عن أحد الضدين بالآخر، ويكون ما ذُكر على سبيل التمثيل، والمراد الأعزة، كأنه قال: أحب إليه من أعزته، وذكرُ الناس بعد الوالد والولد،