قال الجامع عفا الله تعالى عنه: وأنا -بعون الله تعالى- سألخّص ما ذكره صاحب "الفتح" وغيره من اختلاف هذه الطرق، وما احتوت عليه من الفوائد في شرح هذا الحديث -إن شاء الله تعالى- والله تعالى وليّ التوفيق.

(الثاني): هذا الحديث في أوله قصّة ساقها مسلم في "صحيحه"، فقال: حدثني أبو خيثمة، زهير بن حرب، حدثنا وكيع، عن كهمس، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، وهذا حديثه، حدثنا أبي، حدثنا كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، قال: كان أولَ من قال في القدر، بالبصرة مَعْبَد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري، حاجين، أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب، داخلا المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: أبا عبد الرحمن، إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن، ويتقفرون العلم، وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أُنُفٌ، قال: فإذا لقيت أولئك، فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر، لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه، ما قبل الله منه، حتى يؤمن بالقدر، ثم قال: حدثني أبي، عمر بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر ... " الحديث.

(قَالَ) عمر -رضي الله عنه- (كُنَّا جُلُوسًا) بضم الجيم جمع جالس (عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية مسلم: "قال: بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، إذ طلع علينا رجلٌ إلخ" (فَجَاءَ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ شَعَرِ الرَّأْسِ) بفتح العين المهملة، وسكونها، زاد في رواية ابن حبّان: "شديد سواد اللحية" (لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ سَفَرٍ) ببناء الفعل للمفعول، قال النوويّ: ضبطناه بالياء المثنّاة، من تحتُ المضمومة، وكذلك ضبطناه في "الجمع بين الصحيحين"، وغيره، وضبطه الحافظ أبو حازم العُذْريّ هنا بالنون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015