وقراءته مع قراءتهم، يقرءون القرآن لا يُجاوز حناجرهم، يَمرُقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّمِيّة، أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة".

وقد كان أولهم خرج على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رأى قسمة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: يا محمد اعدِل، فإنك لم تعدل، فقال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لقد خبتَ وخسرتَ إن لم أعدل"، فقال له بعض أصحابه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال: "إنه يخرُج من ضئضىء هذا أقوامٌ يَحقِر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم ... " الحديث.

فكان مبدأ البدع هو الطعن في السنة بالظنّ والهوى، كما طعن إبليس في أمر ربه برأيه وهواه.

وأما تعيين الفِرَق الهالكة، فأقدم من بلغنا أنه تكلّم في تضليلهم يوسف بن أسباط، ثم عبد الله بن المبارك، وهما إمامان جليلان من أجلاء أئمة المسلمين قالا: أصول البدع أربعة: الروافض، والخوارج، والقدريّة، والمرجئة، فقيل لابن المبارك: والجهميّة؟ فأجاب بأن أولئك ليسوا من أمة محمد، وكان يقول: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهميّة.

وهذا الذي قاله اتّبعه عليه طائفة من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم، قالوا: إن الجهميّة كفّار، فلا يدخلون في الاثنين والسبعين فرقة، كما لا يدخل فيهم المنافقون الذين يُبطنون الكفر، ويُظهرون الإسلام، وهم الزنادقة.

وقال آخرون من أصحاب أحمد وغيرهم: بل الجهميّة داخلون في الاثنين والسبعين فرقةً، وجعلوا أصول البدع خمسةً، فعلى قول هؤلاء يكون كلّ طائفة من المبتدعة الخمسة اثنتا عشرة فرقةً، وعلى قول الأولين يكون كل طائفة من المبتدعة الأربعة ثمان عشرة فرقة.

وهذا ينبني على أصل آخر، وهو تكفير أهل البدع، فمن أخرج الجهميّة منهم لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015