قال الجامع عفا الله تعالى عنه: إنما أطلت بنقل كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله، وإن كان بعضه تقدّم؛ لما اشتمل عليه من الفوائد الغزيرة، فأحببت أن أنقله دون تصرّف بالاختصار؛ استيفاءً لما حواه، وهذا شأن الشرح، حيث إن فيه ذكرَ المسائل مفصّلة، مُستوعَبَةً، ولا يُنظر لطولها، وتكرارها.

ولقد أجاد الإمام النووي رحمه الله تعالى في أوائل "شرح صحيح مسلم" حيث يقول -بعد أن ذكر دقائق بعض الأسانيد-: ما نصّه:

"ولا ينبغي للناظر في هذا الشرح أن يسأم من شيء من ذلك بما يجده مبسوطًا واضحًا، فإني إنما أقصد بذلك إن شاء الله الكريم - الإيضاح والتيسير، والنصيحة لمطالعه، وإعانته، وإغناءه من مراجعة غيره في بيانه، وهذا مقصود الشروح، فمن استطال شيئًا من هذا، وشبهه فهو بعيد من الإتقان، مباعد للفلاح في هذا الشأن، فليُعَزّ نفسه؛ لسوء حاله، وليرجع عما ارتكبه من قبيح فعاله، ولا ينبغي لطالب التحقيق، والتنقيح، والإتقان، والتدقيق أن يلتفت إلى كراهة، أو سآمة ذوي البطالة، وأصحاب الغباوة والمهانة والملالة، بل يفرح بما يجده من العلم مبسوطًا، وما يصادفه من القواعد والمشكلات واضحًا مضبوطًا، ويحمد الله الكريم على تيسيره، ويدعو لجامعه الساعي في تنقيحه وإيضاحه، وتقريره -وفقنا الله الكريم- لمعالي الأمور، وجنبنا بفضله جميع أنواع الشرور، وجمع بيننا وبين أحبابنا في دار الحبور والسرور، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى في "شرحه" (?).

فعليك أيها الأخ العزيز أن تجعل نصيحة هذا الإمام المحقق نُصب عينيك كلما استشعرت بشيء من التكرار والتطويل في هذا الشرح؛ لتظفر بكَنْز عظيم -إن شاء الله تعالى- زادني الله وإياك الحرص على التحقيق، والغوص في علم الحديث، فإنه البحر الخِضَمّ العميق، بمنه وكرمه آمين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015