القاسم بن حبيب، وإذا جاء الخبر من طريقين كلٌّ منهما ضعيفٌ قوي أحد الطريقين بالآخر، ومن ثَمَّ حسّنه الترمذيّ، ووجدنا له شاهدًا من حديث جابر، ومن طريق ابن عمر، ومن طريق معاذ، وغيرهم، وأسانيدها ضعيفة، ولكن لم يوجد فيه علامة الوضع، إذ لا يلزم من نفي الإسلام عن الطائفتين إثبات كفر من قال بهذا الرأي؛ لأنه يُحمل على نفي الإيمان الكامل، أو المعنى أنه اعتقد اعتقاد الكافر لإرادة المبالغة في التنفير من ذلك لا حقيقة الكفر، وينصره أنه وصفهم بأنهم من أمته. انتهى كلام الحافظ (?). وهو بحث نفيس جدّا. والله تعالى أعلم.
[تنبيه آخر]: هذا الحديث ثبت من حديث أنس -رضي الله عنه- بلفظ آخر، أخرجه الطبرانيّ في "الأوسط"، ونصّه:
حدّثنا عليّ بن عبد الله الفرغانيّ، قال: نا هارون بن موسى الفرويّ، قال: نا أبو ضمرة أنس بن عياض، عن حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أمتي لا يردان الحوض، ولا يدخلان الجنّة: القدريّة، والمرجئة"، وفي لفظ: "القدريّة مجوس هذه الأمة، فإن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم".
قال الطبرانيّ: لم يرو هذين الحديثين عن حميد الطويل إلا أنس بن عياض، تفرّد بهما هارون بن موسى الفرويّ. انتهى.
ورجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير هارون بن موسى، وهو -كما قال الحافظ أبو بكر الهيثميّ-: ثقة، وقال في "التقريب": لا بأس به، وشيخ الطبرانيّ، وقد وثقه بعضهم، فالحديث حسن، راجع ما كتبه الشيخ الألبانيّ رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" 6/ 563 - 565. والله تعالى أعلم.