يَبْقَ إلا من كان يعبد الله تعالى من بَرٍّ وفاجر، أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فما تنتظرون؟ تتبع كلُّ أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم، ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئًا مرتين أو ثلاثا، حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فَيَكْشِف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أَذِنَ الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتّقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقةً واحدةً كُلَّما أراد أن يسجد خَرَّ على قفاه، ثم يرفعون رءوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، ثم يُضْرَب الجسر على جهنم، وتَحُلُّ الشفاعة، ويقولون: اللهم سَلِّمْ سَلِّمْ، قيل: يا رسول الله وما الجسر؟ قال: دَحْضٌ مَزَلَّة، فيه خَطاطيف (?)، وكَلاليب، وحَسَكٌ (?) تكون بنجد فيها شُويكة، يقال لها: السَّعْدَان، فيَمُرُّ المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناجٍ مُسَلَّمٌ، ومَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، ومَكْدُوسٌ في نار جهنم، حتى إذا خَلَصَ المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشَدَّ مناشدةً لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال لهم: أَخْرِجوا مَنْ عَرَفتم، فتُحَرَّم صورهم على النار، فَيُخْرِجون خلقًا كثيرًا، قد أخذت النار إلى نصف ساقيه، وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقالَ دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربنا لم نَذَر فيها أحدًا ممن أمرتنا، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف