عليه، محتجّ به له معرفة بالحديث وحفظ، ارتحل إلى العراقين، ومكة، والشام، ومصر، والرّيّ لكَتْبِ الحديث. وقال الحافظ محمد بن طاهر المقدسيّ: رأيت لابن ماجه بمدينة قزوين تاريخا على الرجال والأمصار من عهد الصحابة إلى عصره، وفي آخره بخط صاحبه جعفر بن إدريس: مات أبو عبد الله يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء، لثمان بقين من شهر رمضان، من سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وسمعته يقول: وُلدت في سنة تسع ومائتين، ومات وله أربع وستون سنة، وصلى عليه أخوه أبو بكر، وتولى دفنه أخواه أبو بكر وأبو عبد الله، وابنه عبد الله.
وقال الذهبيّ: مات في رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وقيل: سنة خمس، والأول أصحّ، وعاش أربعا وستين سنة. وقع لنا رواية "سننه" بإسناد متصل عال، وفي غضون كتابه أحاديث يَعْلُو بِهَا صاحبه الحافظ أبو الحسن القطان. وقد حَدَّث ببغداد أخوه أبو محمد الحسن بن يزيد بن ماجه القزويني، في حدود سنة ثمانين ومائتين، إذ حَجّ عن إسماعيل بن توبة القزويني الحافظ، سمع منه الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر.
وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": كتابه في السنن جامع جيد كثير الأبواب والغرائب، وفيه أحاديث ضعيفة جدًّا، حتى بلغني أن السري كان يقول: مهما انفرد بخبر فيه هو ضعيف غالبا. وليس الأمر في ذلك على إطلاقه باستقرائي، وفي الجملة ففيه أحاديث منكرة، والله تعالى المستعان، ثم وجدت بخط الحافظ شمس الدين محمد ابن علي الحسيني ما لفظه: سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: كل ما انفرد به ابن ماجه فهو ضعيف -يعني بذلك ما انفرد به من الحديث عن الأئمة الخمسة-. انتهى ما وجدته بخطه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الكلام ليس بصحيح على إطلاقه، فإن فيه أحاديث انفرد بها، وهي إما صحيحة وإما حسان، وكذا حمل الحافظ هذا الكلام في "التهذيب" على الرجال غير صحيح، لأنه انفرد برجال ثقات وسوف تراهم حين أنبه عليهم في هذا الشرح -إن شاء الله تعالى-.