فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حقّ الحياء". رواه الترمذيّ، وغيره (?).
وأخرج البخاريّ في "التفسير" عن ابن عباس في قوله تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} الآية [هود: 5] إنها نزلت في قوم كانوا يُجامعون نساءهم، ويتخلّون، فيستحيون من الله، فنزلت الآية. وكان الصّدّيق -رضي الله عنه- يقول: استحيوا من الله، فإني أذهب إلى الغائط، فأظلّ متقنّعًا بثوبي حياء من ربّي عز وجل. وكان موسى عليه السلام إذا اغتسل في بيت مظلم لا يُقيم صلبه حياء من الله عز وجل. قال بعض السلف: خَفِ الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قُربه منك. وقد يتولّد الحياء من الله من مطالعة النعم، فيستحيي العبد من الله أن يستعين بنعمته على معاصيه، فهذا كله من أعلى خصال الإيمان. انتهى كلام ابن رجب رحمه الله تعالى في "شرح البخاري" (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام ابن ماجه رحمه الله في أول الكتاب قال:
59 - "حَدَّثَنَا سُويدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَينُ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ.
(ح) وحَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ".
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ) الحدثانيّ، صدوقٌ، عمي، فصار يتلقّن، من قدماء