عدوّ الله"، مع أن نوفًا كان أحد العلماء، وكان إمامًا لأهل دمشق، ولئن كان ذلك إساءة، فقد أساء نفسه إلى ابن طاهر، حيث رماه بهذا الكلام، والله الهادي إلى سواء السبيل.
[الثاني]: قوله: "فلو كان الإسناد إلخ"، كيف يكون الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتًا؟، وقد تفرّد به محمد بن سعيد المصلوب في الزندقة، وهو كذّاب، وضّاع، قيل: وضع أربعة آلاف حديث، فهيهات هيهات.
والحاصل أن حديثي معاذ -رضي الله عنه- هذان لا يصحّان، أما حديث الباب، فموضوع، وأما الحديث الآخر ففي سنده مجاهيل، فتأمل بالإنصاف، ولا تسلك سبيل الاعتساف.
ولقد أجاد الشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى في الكلام على هذا الحديث في "السلسلة الضعيفة" 2/ 273 - 286 وطوّل البحث فيه بما لا تجده مجموعًا عند غيره، فاستفد، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: قول ابن الجوزيّ المتقدّم بعد أن حكم بعدم ثبوت الحديث: ما نصّه: "وإن كان معناه صحيحًا"، إن أراد أنه صحيح المعنى فيما يتعلّق بالاجتهاد عند فقدان النصّ، فهذا مما لا خلاف فيه، وإن أراد كلّ ما تضمّنه الحديث فغير صحيح؛ لأنه تضمّن تصنيف السنّة مع القرآن، وإنزالها معه منزلة الاجتهاد منهما، فكما أنه لا يجوز الاجتهاد مع وجود النصّ في الكتاب والسنّة، فكذلك لا يأخذ بالسنّة إلا إذا لم يجد في الكتاب، وهذا التفريق مما لا دليل عليه، بل مضادّ لقوله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، فالسنّة تُبيّن مجمل القرآن، وتقيّد مطلقه، وتُخصّص عمومه، فالواجب النظر في الكتاب والسنّة معًا، وعدم التفريق بينهما (?). والله تعالى أعلم يالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.