شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ) بفتح، فسكون الأشعريّ، أنه قال (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ) -رضي الله عنه- (قَالَ: لمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الْيَمَنِ) قال أهل المغازي كان بعث معاذ -رضي الله عنه- إلى اليمن في ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة. قاله في "الفتح" (?).
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لَا) ناهية (تَقْضِيَنَّ) مؤكد بالنون الثقيلة، وقوله (وَلَا تَفْصِلَنَّ) من الفصل بالفاء والصاد، والعطف للتفسير (إِلَّا بَما تَعْلَمُ) أي إلا بما تتأكّد حكم الشرع فيه (فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ أَمْرٌ) أي اشتبه عليك حكم أمر بأن لم تتبيّن لك الأدلة حتى تعمل بمقتضاها (فَقِفْ) أمر من وقف يقف، من باب ضرب (حَتَّى تَبَيَّنَهُ) بحذف إحدى التاءين، وكان أصله تتبيّنه، فحذفت إحداهما تخفيفًا، كما قال في "الخلاصة":
وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ ... فِيهِ عَلَى تَا كـ "تَبَيَّنُ الْعِبَرْ"
(أَوْ تَكْتُبَ إِلَيَّ فِيهِ) أي لأبيّن لك حكمه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- هذا موضوع؛ لأن في سنده محمد بن سعيد بن حسّان، وهو المصلوب في الزندقة، كان كذّابًا يضع الحديث، كما سبق في ترجمته، وهو من أفراد المصنّف رحمه الله، أخرجه هنا بهذا السند فقط، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية) في الكلام على حديث معاذ -رضي الله عنه- المشهور على الألسنة، وهو الحديث الذي أخرجه أبو داود الطيالسيّ في "مسنده" (1/ 282) وأحمد في "مسنده" (5/ 230 و 242) وأبو داود في "سننه" (2/ 116) والترمذيّ في "جامعه" (2/ 275) والبيهقيّ في "سننه" (10/ 114) وغيرهم من طرق، عن شعبة، عن أبي عون الثقفيّ،