ابن عامر الثُّماليّ -وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إياكم وكثرة السؤال" (?).

قال: وفي سماع أشهب سئل مالك عن قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنهاكم عن قيل وقال، وكثرة السؤال"، فقال: أما كثرة السؤال فلا أدري أهو ما أنتم فيه مما أنهاكم عنه من كثرة المسائل، فقد كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسائل وعابها، وقال الله عز وجل: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]، فلا أدري أهو هذا أم السؤال في مسألة الناس في الاستعطاف؟.

واحتجّوا أيضًا بما رواه ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، أنه سمع أباه يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أعظم المسلمين في المسلمين جُرمًا من سأل عن شيء لم يُحرّم على المسلمين، فحرّم عليهم من أجل مسألته" (?).

وقد جاء ذمّ الرأي في كلام السلف رحمهم الله، فقد سئل الشعبيّ -وهو من كبار التابعين، وقد أدرك مائة وعشرين من الصحابة، وأخذ عن معظمهم- عن مسألة من النكاح، فقال للسائل: إن أخبرتك برأي، فبُلْ عليه. وعنه قال: ما جاءكم به هؤلاء من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخذوه، وما كان من رأيهم فاطرحوه في الْحُشّ (?). وعن عمرو ابن دينار، قال: قيل لجابر بن زيد: إنهم يكتبون ما يسمعون منك، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يكتبونه وأنا أرجع عنه غدًا. وعن ابن عيينة قال: اجتهاد الرأي هو مشاورة أهل العلم، لا أن يقوله هو برأيه. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الناس أنه لا رأي لأحد مع سنة سنّها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وعن أبي نضرة قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول للحسن البصريّ: بلغني أنك تفتي برأيك، فلا تُفت برأيك إلا أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015