الساعة أن يُرفع العلم، ويَثبُت الجهل"، والمراد برفع العلم قبض أهله.

قال الجامع: لا خلاف بين الأحاديث، إذ هي على معنى واحد، وهو أن المراد بالحديثين الأخيرين عند قرب الساعة، فيكونان بمعنى الحديث الأول، أي أن قبض العلم ورفعه يكون عند قرب الساعة بظهور أشراطها المذكورة. والله تعالى أعلم.

وإلى ما ذُكر أشار السيوطيّ رحمه الله تعالى:

جَازَ خُلُوُّ الْعَصْرِ عَنْ مُجْتَهِدِ ... وَمُطْلَقًا يَمْنَعُ قَوْمُ أَحْمَدِ

وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ لَا إِنْ أَتَتِ ... أَشْرَاطُهَا وَالْمُرْتَضَى لَمْ يَثْبُتِ (?)

6 - (ومنها): أن الداوديّ قال: هذا الحديث خرج مخرج العموم، والمراد به الخصوص؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ حتى يأتي أمر الله"، ويقال: هذا بعد إتيان أمر الله تعالى، إن لم يُفسّر إتيان الأمر بإتيان القيامة، أو عدم بقاء العلماء إنما هو في بعض المواضع كما في بيت المقدس مثلًا، إن فسرناه به، فيكون محمولًا على التخصيص جمعًا بين الأدلّة.

7 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى: هذا الحديث بيّن كيفيةَ رفع العلم، وظهور الجهل، وهو نصّ في أن رفع العلم لا يكون بمحوه من الصدور، بل بموت العلماء، وبقاء الجهّال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم، يُفتون بالجهل، ويُعلّمونه، فينتشر الجهل، ويظهر، وقد ظهر ذلك، ووُجد على نحو ما أخبر -صلى الله عليه وسلم-، فكان ذلك دليلًا من أدلّة نبوّته، وخصوصًا في هذه الأزمان، إذ قد ولي المدارس والفتيا كثيرٌ من الجهّال والصبيان، وحُرِمها أهل ذلك الشأن. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015