"دلائل النبوة" (6/ 5545)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو وجوب اجتناب الْجَدَل.

2 - (ومنها): بيان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لمعنى هذه الآية الكريمة؟ لأن الله سبحانه وتعالى وكَلَ إليه بيان معاني القرآن لأمته، حيث قال عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية.

3 - (ومنها): ما قاله النوويّ رحمه الله: في الحديث التحذير من مخالطة أهل الزيغ، وأهل البِدَع، ومن يتبع المشكلات للفتنة، فأما من سأل عما أشكل عليه للاسترشاد، وتلطّف في ذلك، فلا بأس به، وجوابه واجب، وأما الأول فلا يُجاب، بل يُزجرُ، ويُعزّر كما عزّر عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- صَبِيغَ بن عِسْل حين كان يتبع التشابه. انتهى.

4 - (ومنها): أن في ختم الآية بقوله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} تعريض بالزائغين، ومدح للراسخين -يعني من لم يتذكّر، ويَتّعِظ، ويتبع هواه، ليس من أولى الألباب، ومن ثَمَّ قال الراسخون: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] خَضَعوا لباريهم؛ لاستنزال العلم اللدني، واستعاذوا به من الزيغ النفساني. قاله الطيبيّ (?).

5 - (ومنها): ما قال بعضهم: دلت الآية على أن بعض القرآن محكم، وبعضه متشابه، ولا يعارض ذلك قوله عز وجل: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود: 1]، ولا قوله: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزمر: 2] حتى زعم بعضهم أن كله محكم، وعكس آخرون؛ لأنّ المراد بالإحكام في قوله: {أُحْكِمَتْ} الإتقان في النظم، وأن كلها حقٌّ من عند الله، والمراد بالتشابه كونه يُشبه بعضه بعضًا في حسن السياق والنظم أيضًا، وليس المراد اشتباه معناه على سامعه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015