شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهَّ -صلى الله عليه وسلم-: "ذَرُونِي) أي اتركوني من السؤال عن القيود في المطلقات، ونحو ذلك، قال الفيَّوميّ: وذِرْته أَذَره وَذْرًا: تركته، قالوا: وأماتت العرب ماضيه، ومصدره، فإذا أريد الماضي قيل: ترك، وربّما استُعْمِلا على قلّة، ولا يُستعمل منه اسم فاعل. انتهى.
وقال المجد في "القاموس": وذَرْهُ: أي دعه، يَذَرُهُ تَرْكًا، ولا تقل: وَذَرْهُ، وأصله وَذِرَهُ يَذَرُهُ، كوَسِعَهُ يَسَعُهُ، لكن ما نطقوا بماضيه، ولا بمصدره، ولا باسم الفاعل، أو قيل: وَذِرْتُهُ شاذّا. انتهى.
وقال ابن منظور في "اللسان": قال ابن السّكّيت: يقال: ذَرْ ذَا، ودع ذَا، ولا يقال: وَذَرْتهُ، ولا وَدَعْتُهُ، وأما في الغابر، فيقال: يَذَرُهُ، ويَدَعُهُ، وأصله وَذِره يَذَره، مثالُ وَسِعَه يَسَعهُ، ولا يقال: واذِر، ولا وادعٌ، ولكن تركته، فأنا تارك. انتهى.
ولبعضهم شعرًا:
وَقَدْ أَمَاتُوا الماضِ (?) مِنْ يَذَرْ يَدَع ... لكنَّ في الضُّحَى قُرِي بِـ "مَا وَدع"
ولفظ البخاريّ: "دعوني"، وهو بمعنى "ذرُوني".
وقد ذكر مسلم سبب هذا الحديث من رواية محمد بن زياد، فقال عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله، فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء، فاتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".
وأخرجه الدارقطني مختصرا، وزاد فيه: "فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا