الصباح، فصيغة الماضي للتحقّق.
شَبّه حال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في خطبته، وإنذاره بمجيء يوم القيامة، وقرب وقوعها، وتهالك الناس فيما يُرْديهم أي يُهلكهم بحال من يُنذر قومه عند غفلتهم بجيش قريب منهم يَقصِدُ الإحاطة بهم بغتةً من كلّ جانب، فكما أن المنذر يرفع صوته، وتحمرّ عيناه، ويشتدّ غضبه على تغافلهم، كذلك حال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولذا أشار إلى قرب المجيء بإصبعيه. ونظيره ما رُوي أنه لمّا نزل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} صعِد على الصفا، فجعل ينادي: "يا بني فهر، يا بني عديّ ... " الحديث (?).
(مَسَّاكُمْ) هكذا رواية المصنّف بدون عاطف، وفي رواية مسلم: "ومسّاكم" بالواو، وهو بتشديد السين المهملة مثلُ "صبّحكم": أي نزل بكم العدوّ مساءً.
(وَيَقُولُ) الضمير للرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهو عطفٌ على "احمرّت": أي يقول -صلى الله عليه وسلم- (بُعِثْتُ) بالبناء للمفعول: أي أرسلني الله تعالى (أَنَا وَالسَّاعَةَ) رُوي برفعها، ونصبها، والمشهور النصب على المفعولية معه، كما قال في "الخلاصة":
يُنْصَبُ تَالِي الْوَاوِ مَفْعُولًا مَعَهْ ... في نَحْوِ سِيرِي وَالطَّرِيقَ مُسْرِعَهْ
بِمَا مِنَ الْفِعْلِ وَشِبْهِهِ سَبَقْ ... ذَا النَّصْبُ لَا بِالْوَاوِ في الْقَوْلِ الأَحَقْ
وأما الرفع فعلى العطف على الضمير المرفوع في "بُعِثْتُ"؛ لوجود التوكيد بالضمير المنفصل، كما قال في "الخلاصة":
وَإِنْ عَلَى ضمِيرِ رَفْعِ مُتَّصِلْ ... عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ
أَوْ فَاصِلٍ مَا وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ ... والنَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ
وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: قوله: "والساعة" قَيَّدناه بالنصب، والرفع (?)، فأما النصب، فهو على المفعول معه، والرفع على أنه معطوف على التاء في "بُعثتُ"، وفُصل