يكون مسجدًا لشخص آدميّ. ونظائر هذا في الكلام كثير. انتهى (?).
وقال الطيبيّ: هذا واردٌ على سبيل المبالغة، لا التحقيق، كما جاء: "من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة"، يعني لا تستنكفوا عن طاعة من وُلّي عليكم، ولو كان عبدًا حبشيّا؛ إذ لو استنكفتم عنه لأدّى إلى إثارة الحرب، وتهييج الفتن، وظهور الفساد في الأرض، فعليكم بالصبر والمداراة حتى يأتي أمر الله. انتهى (?).
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: هذا مما تكاثرت به الروايات عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو مما اطّلَعَ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- من أمر أمته بعده، وولايةِ العبيد عليهم.
وفي "صحيح البخاري" عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اسمعوا وأطيعوا وإن استُعمِلَ عليكم عبد حبشي، كان رأسه زبيبة"، وفي "صحيح مسلم" عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: "إن خليلي -صلى الله عليه وسلم- أوصاني أن أسمع وأطيع، ولو كان عبدًا حبشيا مُجَدَّع الأطراف".
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جِدّا، ولا ينافي هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان"، متّفقٌ عليه، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الناس تبع لقريش"، متّفقٌ عليه، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الأئمة من قريش" (?)؛ لأنّ ولاية العبيد قد تكون من جهة إمام قُرَشِيٍّ، ويشهد لذلك ما أخرجه الحاكم من حديث علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: قال: "الأئمة من قريش، أبرارُها أمراء أبرارها، وفُجّارها أمراء فجارها، ولكلٍّ حقٌّ فآتوا كل ذي