الحديث، ورَوَى الأعمش، وابن أبي ليلى، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكأن حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن سمرة عند أهل الحديث أصحُّ.
قال: سألت أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن، عن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من حَدَّث عَنِّي حديثًا، وهو يَرَى أنه كَذِبٌ فهو أحد الكاذبين". قلت له: مَن رَوَى حديثًا وهو يَعلَم أن إسناده خطأٌ أيُخافُ أن يكون قد دخل في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو إذا رَوَى الناس حديثا مرسلًا، فأسنده بعضهم، أو قَلَبَ إسنادَه يكون قد دخل في هذا الحديث؟ فقال: لا، إنما معنى هذا الحديث: إذا رَوَى الرجل حديثًا، ولا يُعرَف لذلك الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أصلٌ، فحدَّث به، فأخاف أن يكون قد دخل في هذا الحديث. انتهى كلام الترمذيّ (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي ذكره الإمام الترمذيّ عن الإمام أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارميّ رحمهما الله تعالى كلام كلام نفيس، وتحقيقٌ أنيسٌ.
وحاصله أنه لا يدخل في هذا الوعيد من يُحدّث بالأحاديث الواردة بالأسانيد المرسلة، والمنقطعة، أو الأحاديث التي دخل على بعض رواتها قلب، أو نحوه، إنما الذي يدخل فيه من يروي الأحاديث التي لا أصل لها من الموضوعات، والواهيات بالمرّة، فإن روايتها لا تحلّ إلا لبيان كونها غير ثابتة، وأما القسم الأول، فإن الأولى لمن يرويها أن يُبيّن ما فيها من العلل، وإن لم يُبين ذلك اتّكالًا على إيراد أسانيدها، فلا بأس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].