وكان ما يأخذونه عن الله تعالى هو ما يأخذونه عن رسله -صلوات الله عليهم- إليهم، فكان فيما أخذه الله تعالى عليهم أن لا يقولوا على الله إلا الحق، ودخل فيه أخذه عليهم أن لا يقولوا على رسله إلا الحقّ، كان الحق هاهنا كهو في قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]، وكان من شهد بظن، فقد شهد بغير الحقّ، إذ كان الظن كما قد وصفه الله تعالى في قوله: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36].
وفي ذلك إعلامه إيانا أن الظنّ غير الحقّ، وإذا كان من شهد بالظنّ شاهدًا بغير الحقّ كان مثله من حدّث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثًا لظنّ محدّثا عنه بغير الحقّ، والمحدث عنه بغير الحقّ محدث عنه بالباطل، والمحدّث عنه بالباطل كاذب عليه كأحد الكاذبين عليه الداخلين في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من كذب عليّ متعمّدًا، فليتبوّأ مقعده من النار"، ونعوذ بالله تعالى من ذلك. انتهى كلام الطحاويّ (?).
2 - (ومنها): تحريم رواية المنكر والموضوع من الأخبار. قال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: يفيد الحديث التحذير عن أن يُحدّث أحد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بما تحقّق صدقه علمًا أو ظنّا، إلا أن يحدّث بذلك على جهة إظهار الكذب، فإنه لا يتناوله الحديث.
وفي كتاب الترمذيّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "اتّقوا الحديث عنّى إلا ما علمتم، فمن كذب عليّ متعمّدًا فليتبوّأ مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه، فليتبوّأ مقعده من النار"، وقال: هذا حديث حسنٌ انتهى كلام القرطبيّ (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا