منافاة فضلًا عن المغايرة. انتهى (?) (سَمِعْتُ مِنْهُ كلِمَةً يَقُولُ) إنما عدل عن "قال"، وإن كان هو المناسب لـ"سمعت" حتّى يتوافقا مضيّا استحضارًا لصورة القول للحاضرين والحكاية عنها كأنه يُريهم أنه قال به الآن. (?) (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا) هكذا في رواية المصنّف بزيادة "متعمّدًا"، وكذا للإسماعيلي من طريق معاذ، عن شعبة، ووقع في رواية البخاري بدونه، وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق غندر عن شعبة وكذا في رواية الزبير بن بكار المذكورة، قال الحافظ: والاختلاف فيه على شعبة، وقد أخرجه الدارمي من طريق أخرى، عن عبد الله بن الزبير بلفظ: "من حدث عني كذبا"، ولم يذكر العمد.
وفي تمسك الزبير -رضي الله عنه- بهذا الحديث على ما ذهب إليه من اختيار قلة التحديث دليل للأصح في أن الكذب هو الأخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء كان عمدا أم خطأً، والمخطيء وإن كان غير مأثوم بالإجماع، لكن الزبير خَشِي من الإكثار أن يقع في الخطإ، وهو لا يشعر، لأنه وإن لم يأثم بالخطإ لكن قد يأثم بالإكثار؛ إذ الإكثار مظنة الخطإ، والثقة إذا حدث بالخطإ، فحمل عنه، وهو لا يشعر أنه خطأ يُعمَل به على الدوام؛ للوثوق بنقله، فيكون سببا للعمل بما لم يقُله الشارع، فمن خشي من إكثار الوقوع في الخطإ لا يؤمن عليه الإثم إذا تعمد الإكثار، فمن ثَمِّ توقف الزبير وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم- عن الإكثار من التحديث، وأما من أكثر منهم فمحمول على أنهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتثبيت، أو طالت أعمارهم، فاحتيج إلى ما عندهم، فسئلوا فلم يمكنهم الكتمان رضي الله عنهم. قاله في "الفتح" (?).
(فَلْيَتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) أي فليتخذ لنفسه منزلًا، يقال: تبوأ الرجل المكانَ: إذا اتخذه سَكَنًا، وهو أمر بمعنى الخبر أيضًا، أو بمعنى التهديد، أو بمعنى التهكم، أو دعاء