منها، وفيه الإخبار عن الله عز وجل في الوعد على ذلك العمل بذلك الثواب.
وأما الشبهة الرابعة: فجوابها أن أئمة الحديث اتّفقوا على أن زيادة: "ليضلّ به الناس" ضعيفة، وبتقدير صحتها لا تعلّق لهم بها؛ لأن اللام في قوله: "ليضلّ" لام العاقبة، لا لام التعليل، أو هي للتأكيد، ولا مفهوم لها، وعلى هذين الوجهين خُرّج قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 144] الآية؛ لأن افتراء الكذب على الله تعالى محرّم مطلقًا، سواء قُصد به الإضلال أم لا. انتهى كلام ابن عراق رحمه الله تعالى (?).
وإلى هذا كلّه أشرت في منظومتي "تذكرة الطالبين"، فقلت:
وَرَابِعُ الأَصْنَافِ قَوْمٌ نُسِبُوا ... للِزُّهْدِ جَاهِلِينَ ذَاكَ ارْتَكَبُوا
قَدْ وَضَعُوا الحدِيثَ في التَّرغيبِ ... لِلنَّاسِ في الخيْرِ وَللتَّرْهِيبِ
وَمَنْ يَرَى جَوَازَ ذَا فَإِنَّهُ ... قَدْ غَرَّهُ الشَّيْطَانُ مُرْدِيًا فَانْبِذَنَّهُ
لأَنَّ في السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ ... غِنًى عَنِ اخْتِلاقِ ذَا الْكَذَّابِ
وَخَالَفْوا إِجْمَاعَ أَهْلِ المْلَّةِ ... في حُرْمَةِ الْكِذْبِ عَلَى ذِي السُّنَّةِ
وَأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ الَّتِي ... تُرْدِي بِأَهْلِهَا إِلَى الهاوِيَةِ
وَبَالَغَ الشَّيخُ أَبُو مُحَمِّدِ ... مُكَفِّرًا بِهِ لِهَذَ المُعْتَدِي
وَالهمَذَانِيُّ لَهُ مُوَافِقُ ... وَالذَّهَبِيُّ لهُمَا يُرَافِقُ
إِنْ حَرَّمَ الحلاَلَ أَوْ بِضِدِّهِ ... وَإِنَّمَا الشَّأْنُ يِجِي في غَيْرهِ
وَمَنْ يَقُلْ مُؤِّلًا لـ "مَنْ كَذَبْ" ... في رَجُلٍ مُعَيَّنٍ فَقَدْ كَذَبْ
أَوْ حَقِّ مَنْ قَدِ افتَرَى يَقْصِدُ بِهْ ... عَيبًا لَهُ أَوْ شَيْنَ الإسْلاَمِ النَّبِهْ
فَكُلُّ مَا قَالُوهُ فَهْوَ بَاطلُ ... وَلَوْ تُرَى صِحَّته يُؤَوَّلُ