حَدثْتُكَ عَنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثًا، فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ) أي لا تعارضه بمثل هذه المعارضات المدفوعة بالنظر فيما أريد بالحديث، فإن المراد به أن أكل ما مسّته النار يوجب الوضوء، لا مسّه .. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- كل هذا حسنٌ، من أجل الكلام في محمد بن عمرو؛ لأنه وإن أخرج عنه الشيخان، إلا أن البخاريّ أخرج له مقرونًا بغيره، ومسلم في المتابعات، فهو حسن الحديث، والله تعالى أعلم.

[فإن قلت]: في سنده محمد بن عبّاد مقبولٌ، وأبوه مجهول، فكيف يُحَسّن؟.

[قلت]: تحسينه بالسند الثاني، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في فوائده:

1 - (منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان تعظيم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتغليظ على من عارضه.

2 - (ومنها): حسن التلطّف في الردّ على من خالف النصّ، متأوّلًا؛ ليكون أدعى إلى الرجوع إليه، فإن أبا هريرة -رضي الله عنه- خاطب ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بقوله: "يا ابن أخي"، رفقًا به؛ ليحمله على أن يتدبّر خطر ما عارض به النصّ، فلو أغلظ له القول ربّما حمله ذلك على التمادي في المعارضة، وهكذا ينبغي أن يكون الداعي إلى الحقّ يسلك مسلك الحكمة؛ امتثالًا لقوله جلّ وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} الآية [النحل: 125].

3 - (ومنها): عدم جواز معارضة النصوص لرأي ظهر له، بل يستسلم للحقّ أوّل ما يقرع سمعه، هان كان مخالفًا لرأيه، أو مذهبه، فإن الخير كلَّ الخير فيما قاله الشارع، لا فيما يظهر للعقول القاصرة، فقد ضمن الله تعالى الفلاح لمن اتّبعه -صلى الله عليه وسلم-، فقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015