"فقلت: أما أنا فسأمنع أهلي، فمن شاء فلْيُسَرِّح أهله". وفي رواية يونس، عن ابن شهاب الزهري، عن سالم، في هذا الحديث قال: فقال بلال بن عبد الله: "والله لنمنعهن"، ومثله في رواية عُقَيل عند أحمد، وعنده في رواية شعبة، عن الأعمش فقال سالم، أو بعض بنيه: "والله لا ندعهن يتخذنه دَغَلًا ... " الحديث. وفي رواية لمسلم من طريق عمرو بن دينار، عن مجاهد: فقال له ابن له، يقال له: واقد: إذًا يَتَّخِذنه دَغَلًا، قال: فضرب في صدره، وقال أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتقول: لا.

قال الحافظ رحمه الله تعالى: والراجح من هذا أن صاحب القصة بلال؛ لورود ذلك من روايته نفسه، ومن رواية أخيه سالم، ولم يُختلف عليهما في ذلك، وأما هذه الرواية الأخيرة فمرجوحة؛ لوقوع الشك فيها، ولم أره مع ذلك في شيء من الروايات عن الأعمش مسمى، ولا عن شيخه مجاهد، فقد أخرجه أحمد من رواية إبراهيم بن مهاجر، وابن أبي نجيح، وليث بن أبي سُليم، كلهم عن مجاهد، ولم يسمه أحد منهم، فإن كانت رواية عمرو بن دينار، عن مجاهد محفوظة في تسميته واقدًا، فيحتمل أن يكون كل من بلال وواقد وقع منه ذلك، إما في مجلس، أو في مجلسين، وأجاب ابن عمر كلا منهما بجواب يليق به. ويقويه اختلاف النَّقَلَة في جواب ابن عمر، ففي رواية بلال عند مسلم: "فأقبل عليه عبد الله، فسبه سبا سيئا، ما سمعته يسبه مثله قط"، وفسر عبد الله ابن هُبيرة في رواية الطبراني السب المذكور باللعن ثلاث مرات. وفي رواية زائدة، عن الأعمش: "فانتهره، وقال: أُفّ لك"، وله عن ابن نمير، عن الأعمش: "فعل الله بك، وفعل"، ومثله للترمذي من رواية عيسى بن يونس. ولمسلم من رواية أبي معاوية: "فزبره". ولأبي داود من رواية جرير: "فسبّه، وغضب".

فيحتمل أن يكون بلال البادئ، فلذلك أجابه بالسب المفسر باللعن، وأن يكون واقد بدأه فلذلك أجابه بالسب المفسر بالتأفيف، مع الدفع في صدره، وكأن السر في ذلك أن بلالا عارض الخبر برأيه، ولم يذكر علة الخالفة، ووافقه واقد، لكن ذكرها بقوله: "يتخذنه دَغَلًا"، وهو -بفتح المهملة، ثم المعجمة- وأصله الشجر الملْتَفّ، ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015