أَعْلاَمِ النبوّة حيث زال بسبب دعوته نسيان أبي هريرة -رضي الله عنه-، مع أن النسيان من لوازم الإنسان، وقد اعترف أبو هريرة -رضي الله عنه- بأنه كان كثير النسيان، ثم زال عنه ببركة دعوة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقد أخرج الحاكم في "المستدرك" من حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: كنت أنا وأبو هريرة، وآخر عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "ادعوا"، فدعوتُ أنا وصاحبي، وأَمّنَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي، وأسألك علمًا لا يُنسى، فأَمَّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: ونحن كذلك يا رسول الله، فقال: "سبقكما الغلام الدوسي".
6 - (ومنها): ما كان عليه أبو هريرة -رضي الله عنه- من شدّة حرصه على تحصيل العلم، وقد شهد له النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقد أخرج البخاريّ في "صحيحه" من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قيل: يا رسول الله، مَنْ أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألُنِي عن هذا الحديث أحدٌ أولُ منك؛ لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعدُ الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه، أو نفسه"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:
263 - (حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بن أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَميِمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ السَّرِيِّ، عَن مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلهَا، فَمَن كَتَمَ حَدِيثًا، فَقَدْ كتَمَ مَا أنزَلَ الله").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
9 - (الحُسَيْنُ بن أبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ) هو: الحسين بن المتوكّل بن عبد الرحمن ابن حسّان الهاشمي مولاهم، أبو عبد الله بن أبي السَّرِيِّ -بفتح المهملة، وكسر الراء- ضعيف، بل كذّبه بعضهم [11].
روى عن وكيع، وضمرة بن ربيعة، وخلف بن تميم، وأبي داود الحَفَري،