(يَقُولُ: وَالله لَوْلَا آيَتَانِ في كِتَابِ الله تَعَالى مَا حَدَّثْتُ) حذف اللام من جواب "لولا" جائز، والأصل: لولا آيتان موجودتان في كتاب الله لما حدّثتُ (عَنْهُ -يَعْني عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا أبدًا) وفي رواية البخاريّ "حديثًا".
[تنبيه]: إنما قال أبو هريرة -رضي الله عنه- هذا؛ لأنه سمع الناس يقولون: أكثر علينا أبو هريرة، فأراد أن يزيل التُّهَم، والقصّة بطولها آخرجها الشيخان في "صحيحيهما"، فقال البخاريّ رحمه الله:
حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: يقولون: إن أبا هريرة يُكثر الحديث، والله الموعد، ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه، وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصَّفْقُ بالأسواق، وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأً مِسكينًا ألزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأَعِي حين يَنْسَون، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا: "لن يبسط أحد منكم ثوبه، حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمعه إلى صدره، فينسى من مقالتي شيئًا أبدًا"، فبسطت نَمِرَة ليس عليّ ثوب غيرها، حتى قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- مقالته، ثم جمعتها إلى صدري، فوالذي بعثه بالحق ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا، والله لولا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم شيئًا أبدًا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ في الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 159 - 160].
(لَوْلَا قَوْلُ الله) تعالى، وهذا بدل من "لولا" الأول، وفي رواية الشيخين: "ثم يتلو" ({إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ [البقرة: 174 -