(وَلَا يَطَأُ عَقِبَيْهِ رَجُلَانِ) أي لا يمشي رجلان خلفه فضلًا عن الزيادة، يعني أنه من غاية تواضعه -صلى الله عليه وسلم- لا يتقدّم أصحابه -رضي الله عنهم- في المشي، بل إما أن يمشي خلفهم، كما جاء "ويسوق أصحابه"، أو يمشي فيهم.
وحاصل معنى الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن على طريقة الملوك والجبابرة في الأكل والمشي، بل يسلك مسلك التواضع، فيمشي مشي المتواضعين -صلى الله عليه وسلم-.
قال السنديّ رحمه الله: "والرجلان" بفتح الراء، وضمّ الجيم هو المشهور، ويحتمل كسر الراء، وسكون الجيم: أي القدمان، والمعنى لا يمشي خلفه أحدٌ ذو رجلين، بل هو أقرب بتثنية عاقبيه، كما هو رواية المصنّف، وقد ضُبط كذلك في بعض النسخ. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (43/ 244): بهذا السند فقط، وأخرجه (أحمد) (2/ 165 و167) و (أبو داود) (3770)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله، وهو بيان كراهة وطإ العقب، وقد سبق وجه مناسبة ذكره في أبواب العلم، فلا تغفل.
2 - (ومنها): أن من آداب الأكل أن لا يكون الآكلُ متكئًا على اختلاف معناه؛ لأنه ينافي التواضع، وسيأتي تمام البحث فيه في "كتاب الأطعمة" إن شاء الله تعالى.