للجنس، أو للعهد، أي ملائكة الرحمة، ويحتمل أن يكون المراد الملائكة كلهم، وهو أنسب بالمعنى المجازيّ في قوله: (لتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا) جمع جَنَاح بالفتح، وهو محمول على الحقيقة، وإن لم يُشاهَد ذلك الوضع، أي تفرشها؛ لتكون وِطاءً له إذا مشى، أو تكفّها عن الطيران، وتَنْزِل عند مجالس العلم؛ لسماعه، كما في الحديث الصحيح الآتي: "إلا حفّتهم الملائكة، نزلت عليهم السكينة"، أو المعنى تبسطها له لتحمله عليها، وتبلّغه حيث يريد من البلاد، والمراد أنها تعينه، وتساعده في طلب العلم، وتحصيله، ويحتمل أن يكون مجازًا عن التواضع، كقوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]، أي تضع أجنحتها تعظيمًا لعلمه، وتوقيرا لحقّه، ومحبّةً لعلمه (?). وقوله: (رِضًا) حال، أو مفعول لأجله، على معنى إرادة رضا؛ ليكون فعلًا لفاعل الفعل المعلّل به (لِطَالِبِ الْعِلْمِ) متعلق بـ"رضا"، وقيل: التقدير: لأجل الرضا الواصل منها إليه، أو لأجل إرضائها لطالب العلم بما يصنع من حيازة الوراثة العظمى، وسلوك السنن الأسنى (وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ) ووقع عند أبي داود، والترمذيّ بلفظ: "وإن العالم ليستغفر له. . . ."، وسيأتي بهذا اللفظ عند المصنّف مختصرًا في 42/ 239 (يَسْتَغْفِرُ لَهُ) أي يطلبون من الله تعالى أن يغفر له؛ أداءً لحقّه، ومجازاة على حسن صنيعه بإلهام من الله تعالى إياهم ذلك، وذلك لعموم نفع العلم، فإن مصالح كلّ شيء ومنافعه منوطة به، والاستغفار محمول على حقيقته، وقال الطيبيّ: هو مجاز من إرادة استقامة حال المستغفر له. انتهى.

قال الجامع -عفا الله عنه-: الصواب الأول؛ لأنه لا داعي إلى المجاز، واستغفار ما لا يعقل ليس بعيدًا، فقد أخبرنا الله تعالى أن جميع المخلوقات تسبح الله -سبحانه وتعالى-، فقال -عز وجل-: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} الآية [الإسراء: 44]، وقد ثبت في الحديث الصحيح تسبيح الطعام بين يدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015