نظرٌ لا يخفى؛ لأن رَوْحًا، وإن ضعفه الأكثرون، فقد وثقه دُحيم، فلا يصل إلى درجة أن يكون حديثه موضوعًا، فتنبّه.
وأخرجه (المصنّف) هنا (39/ 222) بهذا السند فقط، وأخرجه (الترمذي) (2681).
وقوله: "أشدّ على الشيطان إلخ" قيل: وجه ذلك أن غاية همة العابد أن يُخلّص نفسه من مكائد الشيطان، وقد لا يقدر عليه لجهله بذلك، فيُدركه الشيطان من حيث لا يدري، بخلاف الفقيه، فإنه يعلم بفقهه مكايد الشيطان ومداخله على العباد، ويقدر على التخلّص منه بعون من الله تعالى، بل قد يُخلّص الله تعالى على يديه العباد من مكايده.
والحاصل أن الشيطان كلما فتح بابًا على الناس من الهوى بيّن الفقيه العارف مكائده، فيسدّ ذلك الباب، ويردّه خاسئًا، وأما العابد فربما اشتغل بالعبادة، وهو في حبائل الشيطان، ولا يدري.
وهذا الحديث لو صحّ يكون المراد منه الفقيه الذي تبصّر في العلم، وعَمِل بعلمه، لا الفقيهُ الذي فُتِن بحبّ الدنيا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتصل إلى الإمام ابن ماجه رحمه الله في أول الكتاب قال:
223 - (حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عِليٍّ الجَهْضَمِيُّ، حَدثنا عَبْدُ الله بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ كَثيرِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاء، في مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَأتاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أبا الدرْدَاءِ أتيْتُكَ مِنْ المدِينة، مَدِينة رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- لحِدِيثٍ بَلَغَني أنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ، عَنْ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فما جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يَقُوُل: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ الله له طَرِيقًا إِلَى الجنةِ، وإنَّ الملائكةَ لتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا؛ رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وإنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ في السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى الحيتَانِ في الماءِ، وَإِنَّ